التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عطش و توبة

عطش و توبة

عطش و توبة

استيقظت في أحد أيام شهر رمضان على صوت أذان الفجر، و كنت اشعر بالعطش الشديد، و لكن ادركت من صوت الأذان بأن وقت السحور قد فاتني، حينها ندمت بأني لم أشرب الماء مسبقاً، و أخذت أفكر في حالي، إذا كان هذا حالي و قد فاتني شرب الماء، فكيف سيكون حالي إذا فاتني وقت التوبة و أغلقت أبواب التوبة  من السماء.

حينها أدركت مدى تقصيري في الاستغفار، و علي بأن أتوب إلى الله عز وجل حتى لو كنت اشعر بأني لست مذنبة في شيء، لم اسرق و لم اظلم أحد و لم اشرب خمراً و لم....

لكني و بكل أسف تذكرت بأني كنت استمع للغيبة و اشارك فيها، يالله رحمتك، كيف لي أن اغتاب أحداً و كأني انهش في لحمه، يجب أن أتوب إلى الله غفار الذنوب...

هذا و قد عرفت أحد ذنوبي، فماذا عن معاملتي لأطفالي و لأهلي و معارفي، ماذا عن تقصيري في العبادة بقلب خاشع، كم ظلمت نفسي، و ربما هذه الذنوب الصغيرة قد كبرت و عملت غشاوة على قلبي و عيني حتى أنني كدت أن لا أراها، و هذا ما يجعل البركة تتلاشى من حياتي، فكيف أهرب من المعصية؟

فكر في الإقلاع عن الذنوب و المعصية:

حتى نهرب من المعصية ينبغي أن نفكر بخطورتها، و ما لها من آثار وخيمة على مستوى الروح و الجسد و الدنيا و الآخرة، فالمعصية تمرض الروح، و قد تكون هذه الأمراض خطيرة و مستعصية، كالكبر و الغرور و العجب ... و غيرها.

فالمطلوب منا أن نحافظ على سلامة النفس، لأنها أمانة من رب العالمين، و لابد أن نسلمها في ساحة المحشر ، و كما قال تعالى: (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

أما إذا بقيت على أمراضك الروحية، دون أن تكلف نفسك علاجها، فحينها ستحتاج إلى العلاج في مستوصف القبر، و بالتالي إلى مستشفى جهنم، إلى تلك النار الحامية، التي تطلع على الأفئدة، فعجباً لأولئك الذين يحمون أنفسهم باتباع حمية و نظام غذائي ورياضي، بينما لا يحاولون حماية أنفسهم من الذنوب مخافة النار، و لا حتى يفكرون في الإختلاء بأنفسهم لتقويم الإعوجاج الذي فيها و يتجاهلوه.

آثار الذنوب الخطرة:

أولاً: تلويث النفس

يُحدث الذنب في النفس قسوة و ظلمة و عتمة ثقيلة، و هذه القسوة و الظلمة تؤديان إلى الجرأة، فتراه يظلم و يقسو و يتفاخر أحياناً بذنوبه، حتى أني التقيت مرة بأحداهن التي صارحتني بأنها تتلذذ عندما تتحدث عن الآخرين و تغتابهم، و آخرين يتفاخرون بمعصيتهم و بالنصب و الاحتيال على الناس ، هذه أمثلة بسيطة من الكم الهائل من الذي يوجد في مجتمعاتنا و التي تلوث النفس.

ثانياً: نسيان العلم

إنّ في طليعة الذنوب التي تسلب العلم هي العجب ، و في المقابل فإن التقوى سبب لزيادة العلم، فمن يعجب و يتفاخر بنفسه و علمه بغرور و تباهي أمام الآخرين يفقد ذلك العلم ، فالعلم نور من الله تعالى ، و نور الله لا يعطى لعاصي.

ثالثاً: سلب العبادة و سلب الخشوع

إن الذنوب تسلب اللذة في العبادة ، فإذا رأيت نفسك مقصر في خشوعك و عبادتك، اعلم بأنك محاط بالذنوب و تلاحق نفسك بالاستغفار و الإقلاع عن المعصية.

رابعاً: عدم استجابة الدعاء

من أبرز الذنوب التي ترد الدعاء ظلم الناس، و كذلك سوء النية و خبث السريرة ، و ترك الأمر بالمعروف.

خامساً: إزالة النعمة و نزول البلاء

قال تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )

الذنوب الكبيرة تسبب إزالة النعمة و نزول البلاء، و تسبب حجاباً بين العبد و ربه، و تؤجج ناراً على ظهره، و قد يحمل ناراً في أذنه و ناراً في كفه، و ناراً في عينه، و ناراً في قبره، و ناراً في محشره حتى يصلى النار الكبرى..

سادساً: القسوة

إذا قسى القلب فإن الرحمة تنعدم فيه.

و لكن كيف لي أن اقلع عن الذنوب و هل هناك وسائل تقربني من الله تعالى؟

أولاً: العبادة

علينا أن نتقرب إلى الله عز وجل بمختلف الطاعات و العبادات من صلاة و صوم و حج و زكاة و دعاء و صدقة ، و كذلك الإعانة في سبيل الله ، و الجهاد، و العتق ، و الذكر و التسبيح، و صلة الرحم ، و زيارة المؤمن، و عيادة المريض، و إدخال السرور، و الفرصة موجودة عندنا في شهر المغفرة و الخيرات ، في شهر البركات ، شهر رمضان المبارك.

ثانياً: الإنفاق في سبيل الله تعالى

من مقومات التجارة الرابحة مع الله تعالى الإنفاق في سبيله، فعلينا أن نبادر إلى هذه التجارة الرابحة قبل فوات الفرصة، و يكون ذلك بتحويل هذا المال إلى حسنات في بنك الآخرة، و إلا لا ننتفع به شيئاً.

ثالثاً: الجهاد

و توجد أنواع  للجهاد ، فقد يكون جهاداً بالنفس أو بالمال أو طرقاً شرعية أخرى.

رابعاً: الإستغفار

عن أمير المؤمنين "ع" : ( تعطروا بالإستغفار يرحمكم الله لئلا تفضحكم روائح الذنوب)
و كذلك عنه "ع" : ( الإستغفار صابون الخطايا)

اكثروا من الاستغفار فله عجائب و آثار كثيرة على حياتك ، فالإستغفار يطيل الأعمار، و يفتح أبواب الرزق، و يستجاب الدعاء، و يكشف الهموم و الغموم و البلايا، و يقطع وتين الشيطان، و يستر القبائح، و يبدل السيئة حسنة، و يجلو رين القلوب، و يساقط الذنوب، و ينجي من النار، و ما خفي من فوائد الاستغفار أعظم.

خامساً: الدعاء

" الدعاء مفتاح الرحمة"
الدعاء سلاح المؤمن ، حاجاتنا كثيرة و كبيرة، و قدراتنا المادية قليلة، و لقضاء تلك الحاجات لا سبيل لنا إلا بالرجوع إلى الله تعالى ، ليساعدنا على قضاء حاجاتنا، هو الدرب الوحيد، بعد استنفاذ كل الوسائل المادية و المعنوية و غيرها.

بعد كل هذا، هل ستقلع عن ذنوبك و تتجه إلى أبواب التوبة، و تعيش بالحق و مع الحق؟ و هل ستحاسب نفسك بنفسك و تصحح أخطائك؟


دمتم سالمين


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسائل الأرقام و أسرارها

تفعيل أسماء الله الحسنى

  تفعيل أسماء الله الحسنى قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) الأعراف- 180               للأسماء الحسنى تأثير كبير على الإنسان المؤمن، ويكون هذا التأثير في الدنيا والآخرة "يوم القيامة"، فرحمة الله سبحانه وتعالى تتجلى من خلال الأسماء الحسنى وتتجلى بركة الأسماء الحسنى في الدنيا وفي الآخرة، فهكذا عفوه "جل وعلى" فالإنسان عندما يحتاج إلى الاحتياجات الأساسية من طعام أو شراب يتجلى له رزقه بأسم الله الرزاق، وحينما يحتاج إلى الأمان والحفظ والحماية فحينها يتجلى إليه بأسم الله الحفيظ، وعندما يحتاج إلى المحبة   فحينها يتجلى في اسم الله الودود، وبهذه الطريقة نفعل أسماء الله الحسنى.  

أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف

  أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف أحببت أن أجمع هذه الأوراد المجربة، وهي مجموعة أوراد مقتبسة من آيات قرآنية ومن أسماء الله الحسنى، ولقد رأيت في أن أشارككم فيها لعلي أنفع بها من هو أحوج إليها، ومن يحب أن يجدد في أوراده لقضاء حوائجه وتذوق حلاوة القرب من الله سبحانه وتعالى. قمت بتقسيمها كالآتي، وأسأل الله ينفعني وإياكم بها. أولاً: أوراد الفتح وهي الأوراد الخاصة بالفتح لأي هدف تريده أي تستخدمه بشكل عام لأي هدف ، وكل ما عليك هو أن تستحضر هدفك وتردد الورد باستشعار تام، والله ولي التوفيق. - (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) - ( وأثابهم فتحاً قريبا) - ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) - ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه) - ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) - ( نصر من الله وفتح قريب) - ( وفتحت السماء فكانت أبوابا) - ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم) - ( اللهم فتح مبين) - ( اللهم افتح لي أبواب خيرك ولطفك) ثانياً: أوراد لنيل البركة والتيسير من الله تعالى - (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) - ( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) - ( بديع السماوات والأرض و