التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فريدة

 

فريدة


فريدة

 

عنوان الرواية: فريدة

تأليف: زهرة علي

 

 

مات إبراهيم إثر سكته قلبية بينما كان في رحلة بحرية مع أصدقائه، وترك خلفه بنتان وولد وزوجته التي أصبحت أرملة مع الكثير من الديون والمسؤوليات المتعلقة.

 

في كل مرة كان إبراهيم يتشاجر مع مديره يغير وظيفته ويضيع عليه فرصة التثبيت في العمل وفرصة التأمين الاجتماعي.

 

أصبحت "فريدة" وحيدة مع ثلاثة أيتام صغار لهم الكثير من المتطلبات، وكانت تبحث عن وظيفة تتناسب مع ظروفها وظروف أبنائها، وما إن يعلم أرباب العمل بأنها متزوجة ولها 3 أطفال، يرفضوا توظيفها على الفور.

 

صارت "فريدة" متوترة وعصبية وغير قادرة على فعل شيء أو التفكير في حل، فجلست أمامهم في صالة الشقة الصغيرة وأخذت تتأملهم وتتأمل ملامحهم..

 

"هدى"- ذات ال14 عام، طفلة مراهقة وتحتاج إلى الكثير من المتطلبات في المدرسة وفي الحياة الاجتماعية، تحب المكياج، وتحب الطبخ وتجربة كل ما هو جديد كيف ألبي طلباتها!

 

"ليلى"- ذات ال10 سنوات، تحب تقليد أختها "هدى" في كل شيء، حتى لو لم يناسبها، وتحب طلب الوجبات السريعة المكلفة.

 

"حسن"- ذات ال5 سنوات، مازال طفلاً يحب اللعب، ويحب جمع السيارات الإلكترونية، ويحتاج إلى الكثير من العناية وإلى الطعام الصحي المفيد لأنه مصاب بتسوس الأسنان، وفي كل مرة يتم علاجه يطلب طبيب الأسنان مبالغ كبيرة.

 

نزلت دمعة ساخنة من عينيها، مسحتها بسرعة قبل أن يلمحها أحد أبنائها، وصارت فريدة حائرة في مصيرها بين الأيتام الصغار وإحتياجاتهم وبين ديون زوجها المتراكمة، فالجميع يطالبهم بتسديد الديون، مؤجر الشقة، والديون المتراكمة في الخباز والخضار والمتجر القريب من شقتهم، حتى بعض الشباب كانوا يطالبونها بالمبالغ التي كان يقترضها زوجها منهم دون أن يردها إليهم.

 

"فريدة" يتيمة الأم ولكن لها "أب" و "زوجة أب" وإخوة من أبوها، ولكنهم أخبروها بأن ما إن تتزوج عليها مواجهة مصير حياتها بحلوها ومرها بنفسها، وأن لا تلجأ إليهم أبداً.

 

ولا أحد من أهل "إبراهيم" يسأل عنهم حتى إخوته الذين يحبهم، فكل واحد مشغول مع زوجته وأولاده وأشغاله الخاصة، ولديه ما يكفيه من المشاكل لحلها، كما إن زوجاتهم يمنعونهم من ذلك.

 

كانت "فريدة" قلقة من مصيرها الجديد، فالطعام في المطبخ بدأ يتلاشى، والديانة في كل اسبوع يأتوا ليطالبونهم، ولم تستطع الحصول على وظيفة تتوافق مع ظروفها وبالخصوص إن أبنائها يحتاجون إليها ولا يمكن تركهم وقت طويل وتكون في العمل، فكيف ستعمل وتترك أطفالها لوحدهم؟ وكيف ستلبي إحتياجاتهم المادية والمعنوية؟ وكيف ستسدد الديون المتراكمة؟

 

في كل يوم تبكي "فريدة" على سجادتها وتناجي الله أن يفرج عنهم ضيق معيشتهم وحالهم، فلا مفر لها ولا مقر لراحتها النفسية إلا أن تناجي الله تعالى وتشكو له ما تمر فيه من مآسي.

 

في الصباح رن الجرس، فتحت فريدة الباب، إنها صديقتها "حنان" ، استقبلتها في الأحضان وبدأت تبكي على كتفيها كالطفل الذي ضاع من والديه.

 

حنان: ما الذي حصل لكِ؟ لقد اقلقتني كثيراً.. ما الذي يزعجك؟

فريدة وهي تكفكف دموعها بيديها: أبداً.. ولكن منذ مدة طويلة لم يسأل عني أحد، من الجيد أنك زرتني وسألتي عني.

حنان: تعرفين جيداً ظروفي وإني انشغلت بطفلي المريض وعلاجه، والآن بعد أن بدأ بالتحسن قررت أن أزورك فأنا مثلك وحيدة وأنتي الصديقة الوحيدة المقربة لي والتي اعتبرها كأخت لي.

فريدة: وأنا اشعر بذلك أيضاً، فحتى أهلي زوجوني وابعدوني عنهم، حتى عندما أزورهم مع أطفالي يتضايقون مني، زوجوني ونسوني، لا يسألون عني، ولا يعرفون احتياجاتي حتى على سبيل المجاملة، نحن النساء مظلومات في حقوقنا وخصوصاً العطف لا نناله بسهولة بعكس الشباب يحتوونهم مع زوجاتهم وأبنائهم، يبنون لهم مكاناً داخل المنزل حتى لا يفارقونهم.. آه وكأننا بضاعة تم ابتياعها...

 

عمّ الهدوء بعد أن استرسلت وفضفضت ما في قلبها لصديقتها، ثم أخذت تبكي بحرقة...

 

حنان: لم أكن أدري بأنك تعانين إلى هذه الدرجة، اهدئي يا عزيزتي فكل مشكلة ولها حل.

 

لم يكن لدى "فريدة" أي شيء من الضيافة لتقدمه لصديقتها المقربة، فقدمت لها كأساً من الماء البارد..

 

فريدة: اعذريني، فليس لدي ما يليق بمقامك من الضيافة لأقدمه لك، فحتى أنا وأطفالي لا نجد ما نأكله، وهذا حالنا منذ اسبوع اقدم لهم في غذائهم وعشائهم وجبة الشاي مع البسكويت.

 

أحست "حنان" بحالة صديقتها الصعبة، فقدمت لها مبلغاً بسيطاً من المال، وأخذته "فريدة" منها بصعوبة، فعزة النفس التي تملكها تمنهعها من ذلك، أخذت المال ولكنها اعتبرته ديناً عليها تؤديه إليها عندما تسنح الفرصة بذلك.

 

"حنان" صديقة "فريدة" منذ الطفولة، وهي امرأة لطيفة وذكية، تمتلك الكثير من الأفكار الذهبية لمشاريع صغيرة قيد التنفيذ، لكنها لا تستطيع تنفيذها لإنشغالها بعلاج ابنها الوحيد، فهو مصاب بالكلى، وفي كل مرة ترافقه لغسيل الكلى.

 

حنان: أنتِ تعرفي جيداً بأنه لدي أفكار لمشاريع برأس مال بسيط أو حتى بدون رأس مال، وأني لا استطيع تنفيذها والانشغال بها لظروف ابني الصحية.

فريدة: شافاه الله وعافاه.

حنان: واعرف بأنك محتاجة للعمل، ولكنك لا تستطيعين العمل لساعات طويلة وترك ابنائك لوحدهم، وقريباً ستفتح المدارس ، وطفلك حسن محتاج للذهاب إلى الروضة مع من هم في نفس عمره، وكل هذا يحتاج إلى المال.

فريدة مقاطعة لكلامها: حنان.. انتي صديقتي المقربة وتعرفين ظروفي، أنا محتارة ولا أعلم ما الذي افعل مع هذه الورطة، أنا في مشكلة حقيقية، لقد تعبت من كثرة التفكير ومن الحزن ومن المسؤوليات ومن الديون.. لا اعرف ما الذي عليّ فعله .. ثم تبكي

حنان: ارجوكِ.. اهدئي فلن تصلي إلى حل وأنتي في هذا الحال أبداً.. اهدئي لتعرفي كيف تفكري..

 

هدئت "فريدة" قليلاً وشربت القليل من الماء، يبدو أنه من المنطق أن لا تنهار، وأن تكون متوازنة لكي تفكر في مصلحتها ومصلحة الأيتام الثلاثة.

 

حنان تربت على كتفيها: لا تخافي.. أنا معك.. في الوقت الذي تشعرين بأنك هادئة سنكمل كلامنا.. اهدئي خلال هذين اليومين وتوقفي عن التفكير بسلبية، حتماً سنجد الحل المناسب.

فريدة بعد أن ارتاحت من كلامها: شكراً عزيزتي، فكلامك عين العقل، وأحتاجك أن تفكري معي في حل سريع لنعيش هذه الأيام إلى أن أجد حل جذري.

حنان: لا عليكِ، غداً سألتقي معك في الحديقة التي كنا نجتمع فيها مسبقاً، لا تنسي أن تحملي معك دفتر وقلم، لنخطط معاً، والآن عليّ الذهاب لقد تأخرت على ماجد... مع السلامة

فريدة مودعة: إلى اللقاء القريب.

 

 



وفي اليوم التالي، طلبت فريدة وجبة العشاء من أحد المطاعم، وقدمتها لأبنائها الثلاثة، وأوصت ابنتها هدى أن تعتني بأخوتها أثناء غيابها.

فريدة: حبيبتي هدى، انتي الكبيرة من بين أخوتك، أحبك كثيراً وأحب أن اعتمد عليك أثناء غيابي لمشوار ضروري مع خالتك حنان.

هدى بحماس: حسناً، اخبريني بمهمتي يا أمي.

فريدة: غاليتي.. لقد طلبت لكم وجبة سريعة من المطعم، وأريدك أن تعشيهم وتهتمي بهم ولا تغفلي عنهم إلى أن أرجع.

هدى: هل ستتأخرين؟

فريدة: نعم سأتأخر، ولكني اثق بك، اعتني بأخوتك واشغليهم بالتلفاز وإذا حان موعد نومهم نامي معهم، ولا تفتحي الباب لأي أحد، وانتبهي لحسن على وجه الخصوص.

هدى: حسناً، ثقي بي.. سأعتني بهم.

 

في الحديقة


حملت "فريدة" في حقيبتها دفتر صغير مع قلم، وتوجهت إلى الحديقة التي لم تخرج إليها منذ مدة طويلة، حتى بعد أن أكملت عدتها، فلم تكن تخرج للتنزه لا هيّ ولا أطفالها، فقد حملت أثقالاً من الهموم على قلبها بعد وفاة زوجها إبراهيم.

 

لم تضع أي من مساحيق التجميل على وجهها، وارتدت اللباس الخليجي، عباءة الكتف مع شال أسود منسدل فوق رأسها.

 

أما صديقتها حنان فقد اقبلت في هيئة أنيقة وبسيطة "كاجول"، فكانت تلبس بنطالاً مع قميص باللون الأبيض وحذاء رياضي أنيق، وتقدمت بوجهها البشوش، وأخفت حزنها بالقليل من مساحيق التجميل، فقد وضعت مكياجاً خفيفاً زادها جمالاً ونعومة.

 

حنان: مساء الخير.

اردفت فريدة في الكلام بارتباك وقلق: مساء النور، هيا أنا مستعدة لسماع الحل، بسرعة أطفالي لوحدهم في الشقة، تأخرتي كثيراً..

حنان بهدوء: رويداً رويدا، دعيني آخذ نفس، أقدر اندفاعك، ولكن أعطيني فرصة فبالكاد وصلت.

فريدة: اعتذر.. هذا من ضيق حالي وكثرة تفكيري بإيجاد حل لمشكلتي.

حنان: هكذا لن نستطيع التفكير، أولاً اهدئي ودعيني نتمشى في هذا الجو الجميل، ثم نجلس وعلى الطاولة ونكتب على الورق.

 

أومئت "فريدة" برأسها موافقة، وبدأوا بالتمشي، وكانت "فريدة" شاردة الذهن، وأفكارها تعصف بها، فحاولت صديقتها أن تهدئها وتأخذها تدريجياً في الكلام، إلى أن هدئت..

 

حنان تشير بأصبعها: هيا بنا نجلس، تلك هيا طاولتنا المفضلة.

 

اقتربتا من الطاولة، وجلست "فريدة" وأخرجت من حقيبتها دفترها مع قلم.

 

فريدة: كل آذان صاغية.

حنان: ما أعرفه أنكِ تريدين حل يرضيكِ، عمل ومال وأنتي مرتاحة في مكانك وبدون أن يكلفكِ، تريدين الحل الأسرع للمال، عمل يدر عليكِ بالمال ويحل كل مشاكلك المادية.

فريدة: بالضبط، تعرفين ذلك من أجل الأولاد فليس لدي أحد يعتني بهم.

حنان: سأعطيك بعض الملاحظات وعليك تدوينها في الدفتر، اكتبي كل الأفكار الآن ثم سنتفق على أفضل فكرة ترتاحي منها لتنفذيها وتطبقيها.

فريدة: حسناً.

حنان: سجلي أسماء أطفالك مع هواياتهم المفضلة إلى قلبهم.

فريدة وهي تكتب: هدى – الطبخ

                               ليلى – القراءة

                               حسن – اللعب والفرفشة والتلوين

 

حنان: جيد.. الآن سجلي اسمك معهم مع ابرز هواياتك المحببة إلى قلبك.

فريدة: هواياتي أنا!

حنان: نعم أنتِ، سجلي كل شيء تعرفينه أو تتقنيه.

فريدة تسجل على الورق:    فريدة – الطبخ – الرسم – الكتابة – الحاسوب.. فقط

حنان: اعطيني الدفتر الآن، سأخبرك بعض المقترحات ليمارس أطفالك هوايتهم بطريقة محببة، وفي نفس الوقت تحصلوا على المال.

فريدة: كيف؟!

حنان: تستطيعي أن تفتحي قناة يوتيوب مجانية إلى ابنتك هدى، وتحت إشرافك، وذلك يعني ألا تقوم بتنزيل أي فيديو دون أن تشاهديه أولاً لتري إن كان مناسباً للنشر، وتقوم بممارسة هواية الطبخ ونشر الفيديوهات عبر اليوتيوب، فتقوم بطبخ طبخات سهلة وبمكونات بسيطة خاصة بالأطفال، فتطبخ الطبخات السهلة التي يميل الأطفال لتجرتها مع والديهم، مثل الحلويات والأوريو .. ما هو رأيك؟

فريدة: الفكرة جيدة ولكن فيها الكثير من السلبيات، فالمجتمع لن يرحم طفلة تخرج على قناة اليوتيوب، فأنا أخشى عليها من التنمر، وأخشى عليها من الابتزاز، ثانياً مطبخنا قديم ولا يتناسب مع التصوير، والتصوير يحتاج لمعدات وإضاءة، والأهم لن نحصد متابعين حقيقيين حتى خلال سنة، فمعظم المشاهير يشترون متابعينهم..

 

 

 

 

 

 

حنان: لا تصعبي الأمور، الناس لن يفيدوك ولن يسددوا ديونكم.. انصحك بتسجيل الفكرة وارجعي لها وقت آخر بعد أن تفكري أكثر.

فريدة: دعينا نبحث عن فكرة أخرى!

حنان: عزيزتي..  ما زلنا في هواية هدى.

فريدة كيف!

حنان: بالإضافة إلى قناتها في اليوتيوب، تفتح حساب على الانستغرام وتبيع فيه منتج واحد أو أكثر من 3 أشياء، مثلاً بسكويت بأشكال أفلام الكارتون، مع كريمة ملونة تضعها في عصارات ليتمكن الأطفال من التزيين بأنفسهم، أو آيسكريم جاهز للأكل، كيك على أشكال جميلة، وأن تتخصص في طبخات وأذواق الأطفال والأطباق التي يحبونها، وأن تشترطي عليها عدم إهمال دراستها.

فريدة: وضحت الفكرة، سأسجلها وارجع لها في وقت لاحق.

 

في الشقة

بينما كانت حنان تشاطر "فريدة" أفكارها في الحديقةن كانت هدى ابنة "فريدة" تهتم بإخوتها، فمرة تعشيهم، ومرة تقرأ لهم القصص، ومرة تلعب معهم بالمكعبات، ويشاهدون التلفاز معاً، إلى أن استسلموا للنوم ومعهم هدى...

 

في الحديقة

 

حنان: دعينا نطلب عصيراً وبعدها نكمل حديثنا.

فريدة:اممم.. ليلى وهواية القراءة، كيف استطيع أن استثمرها، تبدو صعبة!

حنان: ابداً.. ليس صعباً، القراءة أجمل شيء في الحياة.

فريدة: كيف؟

حنان: كنت أقرأ كثيراً، وبالخصوص في الفترة التي كان فيها ماجد في المستشفى، فوالد ماجد لا يهتم فيه ولا يحسسه بالحب، وهذه فرصته لكي يذهب لزوجته الثانية، أما أنا فما عاد يهمني شيء، المهم عندي أنها فرصة أن أكون قريبة من طفلي وأحسسه بالحب والحنان والأمان، وأول ما ينام أخرج لي كتاب أو رواية واقرأ، القراءة تفتح فكري وعقلي وآفاق عميقة، ولولا القراءة لما استطعت أن أساعدك الآن وأطرح عليك أفكاري.

فريدة: ليتني أستطيع أن أكون قارئة نهمة مثلك.

حنان: المعادلة سهلة بالنسبة لي، كل شخص سينظم وقته وأفكاره سيلقى الوقت اللازم ليمارس هواياته التي يحبها.

فريدة: صدقتي.

حنان: ليلى صغيرة وهوايتها جميلة مثلها، تستطيع فتح قناة خاصة باليوتيوب وتقرأ قصص الأطفال أو تلخصها، وفي نهاية كل قصة تضع سؤالاً للمناقشة مع الأطفال، هذا الأسلوب يجذب المتابعين، وستحقق قناتها الربح بسهولة.

فريدة: يعني حكواتي؟

حنان: نعم، على وجه التقريب.

فريدة: لا أدري، اشعر أن ليلى ليست كأختها هدى... هدى استطيع الاعتماد عليها، ولكن ليلى لا استطيع الاعتماد عليها لصغر سنها، وسيأنبني ضميري أكثر إن اشتغل أطفالي لحل مشاكلي المادية بدلاً من أن يعتمدوا عليّ اعتمد عليهم، أريدهم أن يعيشوا طفولتهم ولا أريد أن استغلهم مهما كانت ظروفي المادية.

حنان: عموماً نحن فقط نضع احتمالات للأيام الصعبة، وثانياً العمل أو توكيل المهام واستثمار الهوايات يساعد على تعزيز الثقة بالنفس، وبناء شخصية قوية.

فريدة: لا استطيع حتى لو كان الأمر ذات فائدة، فليلى طفلة وهدى طفلة، يجب أن لا أضعهم في مثل هذ الدائرة.... ثم تبكي.

حنان: عزيزتي البكاء لن يخرج لك حل، نحن فقط نضع احتمالات على الورق، وبعدها سنختار ما يناسبك وما يمليه عليك ضميرك وراحتك.. هيا قومي لنتمشى قليلاً، سنتكلم أثناء المشي.

فريد: سأقرأ لك ما كتبت من هواياتي.

حنان: تفضلي.

فريدة تقرأ ما كتبت على الورق: فريدة – الطبخ – الرسم- الحاسوب – الكتابة.

حنان: إذا كنت لا تريدين أن تستثمري مع أطفالك تستطيعي أن تستثمري في نفسك، منها تبدعي في مجال تحبينه، ومنها يكون مصدر رزق لك.

فريدة: كيف سيكون ذلك؟ ارجوك لا تخبريني بأن أفتح قناة على اليوتيوب.

حنان تضحك: لا تخشي سأستبعد فكرة اليوتيوب هذه المرة.

فريدة: هذا جيد.

حنان: تستطيعي أن تكوني كاتبة قصص وروايات، ترسمين وتبيعين رسوماتك تدريجياً، تطبخي وتبيعي وجبات صحية مثلاً، تسوقين لمنتجات أطفال أو كتب أطفال بالاستعانة بأطفالك.. أو..

فريدة: أو ماذا؟

حنان: أو تعطين دروس خصوصية في الحاسوب، ودعي في بالك أن أي مشروع في  هذا الزمن يحتاج لمنصة تواصل اجتماعي مثل اليوتيوب أو الانستغرام.

فريدة: كل أفكارك معقولة وتناسب وضعي الحالي، ولكني اواجه صعوبة في التنفيذ.

حنان: لا تحكمي الآن على أي فكرة، المهم أنك كتبت كل ما فكرنا فيه، عليك الآن الذهب للمنزل وأخذ حمام دافء، ثم ارتاحي ونامي، وخذي وقتك في التفكير، إذا ارتحتي ستأخذين القرار الصائب.

فريدة:ادعي لي.

حنان: المهم أن ترتاحي، وإن احتجتي للمساعدة فلا تترددي.

فريدة: شكراً، انتي أفضل صديقة صدوقة.

 

رجعت حنان لبيتها، ورجعت "فريدة" لشقتها.. الأطفال نائمون، اقتربت منهم قبلتهم وغطتهم بحنان، ثم رتبت بعض الفوضى في الصالة، وبعدها ذهبت للاستحمام، قرأت ما في الدفتر من أفكار، استلقت على سريرها، وقد فاضت من كثر الأفكار، هي فعلاً تحتاج إلى الراحة التامة لتخرج بقرار سليم.

 

استيقظت فجراً، أدت صلاتها بخشوع، وأكثرت من الدعاء، ثم استخارت ربها، وقررت أن تعطي دورات في الحاسوب في برامج الفوتوشوب تحديداً لأنها تتقنه، وتذكرت أن زوجها إبراهيم كان يملك لابتوب ويضعه في خزانته، ويرفض أن يتعبث به أطفاله.

 

بحثت عنه فوجدت، حقيبة اللابتوب، وعندما فتحتها، أخرجت اللابتوب من الحقيبة، وتساقطت من الحقيبة رزم من المال، فشهقت!

 

أخرجت كل ما في تلك الحقيبة، كان مبلغاً كبيراً من المال وضع في ظرف بني، وعندما فتحته وجدت ورقة صغيرة مكتوب فيها أسم كل شخص استلف منه المبلغ مع رقم المبلغ ورقم هاتف كل واحد منهم... لم تصدق "فريدة" وعرفت أن إبراهيم كان يستلف هذه المبالغ لأنه كان ينوي أن يفتتح مشروعه الخاص، واستنتجت سبب الأشخاص الديانة اللذين يطالبون برد أموالهم، فهذا حقهم.

 

لم تنتظر لوقت شروق الشمس، واتصلت بصديقتها حنان لتخبرها بالمفاجأة، فأخبرتها أنها عليها تسديد الديون ورد الحقوق لأصحابها في أسرع وقت.

 

حنان: مثل ما أخبرتك يجب رد الأموال لأصحابها، أما قرارك في مشروع دورة الحاسوب عن بعد فهو قرار سليم وسأساعدك بما استطيع.


 

 

 

 

 

بعد أيام انتهت " فريدة" من سد ديون زوجها، وفتحت مشروعها الأول، لتستعيد شغفها في الحياة بخفة وسعادة لا تضاهيها سعادة.

 

فقد ساعدتها حنان في نشر إعلان الدورة التدريبية، وتلقت إقبالاً كبيراً على مثل هذه الدورات، حتى أن بعضهم طلب دروساً خصوصية في نفس البرنامج.

 

لقد حلت كل مشاكل "فريدة" بعد توكلها على الله تعالى، وربت أبنائها بحب ويسر ولم تقصر معهم، فعملها من المنزل يجعلها قريبة منهم، ومطمئنة عليهم.

 

عندما تستعين بالله وتتوكل عليه تتيسر الأمور وتتدبر كل أمورك.


النهاية

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفعيل أسماء الله الحسنى

  تفعيل أسماء الله الحسنى قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) الأعراف- 180               للأسماء الحسنى تأثير كبير على الإنسان المؤمن، ويكون هذا التأثير في الدنيا والآخرة "يوم القيامة"، فرحمة الله سبحانه وتعالى تتجلى من خلال الأسماء الحسنى وتتجلى بركة الأسماء الحسنى في الدنيا وفي الآخرة، فهكذا عفوه "جل وعلى" فالإنسان عندما يحتاج إلى الاحتياجات الأساسية من طعام أو شراب يتجلى له رزقه بأسم الله الرزاق، وحينما يحتاج إلى الأمان والحفظ والحماية فحينها يتجلى إليه بأسم الله الحفيظ، وعندما يحتاج إلى المحبة   فحينها يتجلى في اسم الله الودود، وبهذه الطريقة نفعل أسماء الله الحسنى.  

أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف

  أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف أحببت أن أجمع هذه الأوراد المجربة، وهي مجموعة أوراد مقتبسة من آيات قرآنية ومن أسماء الله الحسنى، ولقد رأيت في أن أشارككم فيها لعلي أنفع بها من هو أحوج إليها، ومن يحب أن يجدد في أوراده لقضاء حوائجه وتذوق حلاوة القرب من الله سبحانه وتعالى. قمت بتقسيمها كالآتي، وأسأل الله ينفعني وإياكم بها. أولاً: أوراد الفتح وهي الأوراد الخاصة بالفتح لأي هدف تريده أي تستخدمه بشكل عام لأي هدف ، وكل ما عليك هو أن تستحضر هدفك وتردد الورد باستشعار تام، والله ولي التوفيق. - (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) - ( وأثابهم فتحاً قريبا) - ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) - ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه) - ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) - ( نصر من الله وفتح قريب) - ( وفتحت السماء فكانت أبوابا) - ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم) - ( اللهم فتح مبين) - ( اللهم افتح لي أبواب خيرك ولطفك) ثانياً: أوراد لنيل البركة والتيسير من الله تعالى - (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) - ( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) - ( بديع السماوات والأرض و

ساق البامبو والحظ

  ساق البامبو والحظ البامبو – حظ – حب – وفرة   تعتبر نبتة “البامبو” من النباتات المنزلية المعروفة بأنها تجلب الحظ والمال، والنصيب، وخاصة عندما تهدى من شخص لأخر .