رواية كنز أمل - تأليف زهرة علي
كنز أمل
رواية اجتماعية تحاكي الواقع الخليجي
تأليف: زهرة علي
قصتي تشبه الكثير من الفتيات، والبعض منهن أدرك الحقيقة واستيقظ من حياته المتخدرة بالمظاهر، والبعض الآخر ما زال منغمساً و غارق في مراقبة الاخرين، ويحاول اقناع نفسه بأنه يستطيع الغوص ولا يدرك بأنه يغرق أكثر إن لم يستوعب و يغير طريقة تفكيره.
اسمي "أمل"، وعمري 24 سنة، وتقدم لخطبتي الكثير من الشباب، لكني كنت أرفض بسبب و أحياناً بدون سبب مقنع.
كنت ارفض بسبب عجزي عن إيجاد مواصفات لزوج المستقبل، والذي كان في مخيلتي هو أن يكون شبيهاً بصفات زوج صديقتي "دانة".. زوجها اسمه "سعيد" و اعتبره الرجل المثالي.
دانة صديقتي المقربة منذ دراستي في الجامعة.. فتاة جميلة و بشوشة، وصديقة مخلصة تم عقد قرانها عندما كنا ندرس في الجامعة، وقد دعتني مع جميع زميلاتنا إلى حفلة زواجها في أفخم صالات الأعراس، و كانت تبدو كالأميرات في حفل زفافها.
الورود الطبيعية المنعشة تملئ المكان.. والأواني الكريستالية تبرق كالألماس.. والشوكولاته الفاخرة اللذيذة .. التي لم اذق في حياتي مثل طعمها.
وعندما اقبلت مع عريسها ذو البدلة الزرقاء"الكحلية" التي أضافت له وسامة.. في حين ارتدت دانة فستان أبيض أنيق جداً مع تسريحة شعر ناعمة زينتها بالكريستالات اللامعة مع الطرحة الطويلة و باقة ورد منسدلة و تحملها بكلتا يديها الناعمتين.. بدت في غاية الروعة.. والأجمل عندما تحلت بأفخم أطقم الماس الذي أثار دهشتي مع زميلاتي و جعلنا نتمنى الزواج برجل أنيق و ثري و يلبي كل احتياجات زوجته مثل "سعيد".
كانت دانة تتفاخر علينا بملابسها الأنيقة و مجوهراتها الغالية الثمن.. لقد تغيرت دانة منذ أن تزوجت و كأن هدفها من الدراسة في الجامعة هو التفاخر بما لديها من مال ومجوهرات أمام زميلاتها.
وفي إحدى المرات.. دعتنا صديقتنا "ابتهاج" لجلوتها الشعبية، و ارتدينا ملابس شعبية خليجية، فهكذا يلبس أهل الخليج في الجلوات.
كانت ملابسنا مرتبة و جميلة بمختلف الألوان، فبعض المدعوات ارتدت اللون الوردي، والبعض الآخر باللون الأخض و أخريات باللون الأحمر و البنفسجي.... أما العروس فقد ارتدت اللون الأخضر بمكياج خليجي جميل و ناعم أظهر ملامحها الجميلة كعروس.
لم تختلف صديقتي دانة عن العروس كثيراً، فقد كانت اطلالتها مقاربة للعروس في ذلك اليوم، فالذهب الذي كانت ترتديه كان ثقيلاً و مبالغاً في كثرته، وكذلك المكياج و تسريحة الشعر.
كان الجميع يتحدث أحاديث جانبية، فلابد أن زوجها رجلاً ثري و هذا ما ينعكس على حالها..
رأيت السعادة في عيني دانة، فدعوت الله أن يرزقها بطفل حتى تكتمل سعادتها، ودعوت لنفسي بزوج كزوجها "سعيد"، الرجل الثري جداً و الذي يدلل زوجته بالهدايا الثمينة، ويلبي احتياجاتها.
تقدم حينها لي الكثير من الشباب.. البعض من المقابلة يشرح لي ظروفه بأنه لا يملك المال الكافي للسفر كل سنة، وبأنه يملك غرفة في منزل والده و لا يستطيع الاستقلال في بيت مستقل مستقبلاً.
وكيف لي أن اعتمد على شخصاً مازال في بداية تكوين حياته و يعتمد على والديه في تدبير أموره المالية؟
مرت الأيام و السنين وزاد رفضي للباب الذين يتقدموا لخطبتي، وقلت فرصتي في الزواج فقد وصل عمر ل 27 سنة.
زاد قلق والدتي عليّ فقد تجاوزت ال 25 سنة، وقد تغيرت معاملتها معي و كأنها ترغب في التخلص مني و كأني عبء كبير على قلبها، و قامت والدتي بمضايقتي كثيراً.
أحياناً تتعمد أن تذكر بنات صديقاتها اللاتي لم يتجاوزوا ال20 سنة و قد تزوجن، و بأنه عليّ الحضور للأعراس و المناسبات الاجتماعية ليراني الناس مزينة و يتقدموا لخطبتي... أحسست بالذل و كأني بضاعة للعرض..
وفي أحد الأيام أجبرتني على الذهاب معها لأحد مشايخ الدين ليقرأ عليّ آيات قرآنية لتسهيل الزواج.. و أحياناً أخرى تضع بعض الطلاسم في وسادتي دون علمي، و اتفاجئ بوجودها، و عندما أواجهها تعترف مبتسمة بأنها وضعتها من أجل مصلحتي ولتسريع أمر زواجي الذي بات يؤرقها..
لم يدق قلبي لأي شاب تقدم لي و لم اشعر بالراحة من كلامهم و طريقة تحدثهم معي.. أنا لست بضاعة للبيع.. أنا أريد رجلا يسعدني.. أريد رجلا ثرياً يقدم لي الكثير من الهدايا الثمينة و يغدقني بكرمه .. أريد رجلا رومانسياً و يسمعني أجمل الكلمات..
ولكن المفاجأة .. أنه تم التقدم لخطبة أختي الصغرى ذات ال21 عاماً.. أختي "مريم"، وقد وافقت على الزواج منه مع أنه محدود الدخل، وليس بفتى احلامها، و لكنها أعجبت بوسامته فوافقت عليه..
أحسست بالخطر.. فأختي الصغرى قد سبقتني للزواج!
أما والدتي فقد زادت تصرفاتها الغريبة معي و زادت مضايقتها لي التي تجعلني أحزن وأبكي سراً.. كنت أكتم مشاعري حتى لا يلومني أحد و بالخصوص كثرة رفضي ، ولم يكن الرفض مني فقط بل من الشباب الذين يتقدموا لخطبتي أيضاً.. يتصلوا ليخبرونا بأنه لا يوجد نصيب..
كفكفت دموعي ورسمت ابتسامة مزيفة على وجهي وباركت لأختي مريم، وقمت بمساعدتها على التحضير لزواجها.
مرت السنين و صار عند أختي مريم طفلا بعمر السنة، أما أنا فقد تقدم بي العمر لأكون في 29 سنة.. ليس لي زوجاً.. و لكن حصلت على وظيفة محترمة بأحد الدوائر الحكومية.
ومع ذلك مازالت والدتي تضايقني و تعيرني بعدم زواجي و تجرحني بالكلام، وأحيانا تقدم لي اقتراحاتها التي لا تليق بشخصيتي..
وفي يوم من الأيام طلب مني المدير مرافقة أحد الكهربائيين لأريه أماكن الأعطال الكهربائية في المكتب، كان رجلاً محترماً ولبقاً في الكلام معي.. انهيت مهمتي معه ثم شكرته على عمله و شكرني بدوره على مجهودي.
وبعد يومين تقدم لخطبتي شاب في ال 35 من عمره .. ذهلت عندما رأيته في المقابلة، وشعرت بالخجل الشديد من نفسي عندما رأيته، وفكرت بأنه قد فعل تلك الحيلة مع المدير لروؤيتي على طبيعتي قبل أن يتقدم لي رسمياً..
فكرت في رفضه، فهو مجرد "عامل كهربائي"، ولكن والدتي أصرت على أن اوافق، وبدأت تسرد جملها الشهيرة على مسامعي والتي حفظتها فهي ترددها كلما تقدم شاب لخطبتي..
انه شاب لم يسبق له الزواج..
الرجل لا يعيبه شيء..
لقد سألنا عنه والجميع يشهد بأخلاقه..
أنا ووالدك لسنا دائمون في هذه الحياة..
المرأة ليس لها إلا زوجها يحفظها و يصونها....
هكذا تعيد والدتي تشغيل الاسطوانة للضغط عليّ كلما تقدم شاب لخطبتي..
بعد الضغط الكبير الذي تعرضت له أريد رجلا والسلام.. أريد أن أكون حرة من الضغوطات النفسية .. أريد أن انتزع شبح العنوسة الذي كنت ارتديه ، فقد تعبت من الكلام المبطن و الذي يفيد مغزاه بأني عانس..
المؤلم بأني شعرت بأن والداي رخصا بي وقللا من قيمتي، فلم يطلبوا المهر الذي طلبته وقاموا بتقليل المهر قدر الإمكان و كأني بضاعة رخيصة، حتى أنهم تنازلوا عن شراء طقم ذهب لي، واختاروا أقدم وأرخص صالة لإقامة حفلات الزفاف..
قال والدي: جميعها مظاهر يا ابنتي.. المهم أن تكوني سعيدة مع شريك حياتك..
أما والدتي فكانت سعيدة جداً، حتى شعرت لوهلة بأنها هي العروس ولست أنا!
لا أدري لم باعني أهلي لهذا الرجل الغريب، وما الذي اعجبهم فيه!
كنت ابكي بيني و بين نفسي.. أنا لست سعيدة بزواجي.. هذه مؤامرة.. حتى لو كبر عمري، هذا لا يعطيهم الحق في بيعي هكذا، و التنازل عن معظم حقوقي.
جاء موعد زفافي.. كانت صديقتي دانة من ضمن المدعوات، وقد تزينت بطقم الماس جديد و يبرق بلمعة تعشي العيون، وبدت أجمل مني باناقتها.. ولم أكن راضية عن إطلالتي كعروس..
كنت ارتدي فستاناً أبيض ذو طبقات و مكياج جداً بسيط مع تسريحة بسيطة، لم أكن راضية عن نفسي في ليلة زواجي وبالخصوص أني ارتديت طقم أختي مريم وكأننا نخدع الناس ونقول لهم العريس هو من جلب هذا الطقم..
لم أقوى على التبسم في وجوه المدعوين، وكنت محبطة ومستاءة جداً في ليلة زفافي التي كنت اتمنى أن تنتهي بسرعة.
الشيء الوحيد الذي كنت راضية عنه هو استقلالنا في شقة خاصة حتى لو كانت إيجاراً إلا أنه الشيء الوحيد الذي كنت راضية عنه.
عندما وصلنا لشقتنا، قدم لي عريسي "حسن" سلسالاً من الذهب على شكل قلب، وقال لي: من الآن أنتِ نبض قلبي.
من شدة الكتمان في الأيام السابقة لم اعي لنفسي إلا و انفجرت بالبكاء و احتضنته.. خاف حسن من بكائي و قال: ما بكِ؟ هل أنتِ على مايرام؟ هل تشكين شيئاً؟
اجبتُ: لا، ولكني اشتقت لأهلي... بينما عقلي كان يجلدني بكلماته.. بيني وبين نفسي "أهلي الذين باعوني لكي لا أكون عانس عالة عليهم وأجلب لهم العار"
قال حسن: أعدك بأن أكون زوجاً مخلصاً وفياً محباً وأن أدللك على كفوف الراحة..
مرت الليلة على خير.. استيقظ حسن باكراً، وأعد لي طعام الفطور، وجاء به لغرفة نومنا وقام بإطعامي..
صحيح إننا لم نسافر لشهر العسل، ولكن معاملته الحسنة لي في أول شهر مثل العسل.. طيب القلب و حنون.. لا يجعلني أقوم بأي شيء.. يقوم هو بتنظيف الشقة كاملاً، وغسل الأواني، وكنس المكان ومسح الغبار، فلم أكن أعرف أن هناك رجالاً يعملون لزوجاتهم ويساعدونهن في الأعمال المنزلية إلا الآن..
مرت الأيام و تعرفت على حسن أكثر وأكثر، وتدريجياً بدأت أحبه، فالأحترام والمعاملة الحسنة من الزوج والكلمة الطيبة هو ما يحبب الزوجة بزوجها.
شعرت فعلاً بأني محظوظة به وبأني أحبه.. إلى أن رجعت صديقتي دانة إلى حياتي ثانية، فقد بدأت تزورني في شقتي وتطيل الجلوس لوقت متأخر من الليل، حتى أن حسن تضايق من كثرة زيارتها لي و أظهر نفوره منها..
كنت اتحدث أمامه عن صديقتي دانة التي يدللها زوجها سعيد و يغدقها بالهدايا الثمينة والألماسات اللامعة و المميزة، وبأنها محظوظة به..
كان حسن ينفر من حديثي المتواصل عن صديقتي دانة وثراء زوجها، وباني كنت سابقاً اتمنى زوجاً ثرياً مثل سعيد ليغدق عليّ الهدايا و الالماسات و السيارات الفارهة .... كنت اظنه يغار من سعيد ومن مستواه المادي.
وفي أحد الأيام اشتد النقاش فيما بيننا فأخذ حسن يستهزأ بكلامي عن زوج دانة و يشكك قائلاً: ومن أين لسعيد هذا؟ إن وظيفته في الدائرة الحكومية لا تستدعي أن تجعل منه رجلاً ثرياً لهذه الدرجة..
اشتد النقاش بيننا وقلت: هل تقصد بأن سعيد يعمل في غسيل الأموال مثلاً؟
حسن: أنتِ من قلتِ ذلك لوحدك ولست أنا.
اشتد النقاش و بت تلك الليلة غاضبة من طريقة حديث حسن معي وفي الصباح استأذنته لأبيت في بيت والدي لبعض الأيام، وقد أخذت إجازة لمدة أسبوع من عملي، فقد كنت اشعر بالتعب و الارهاق من كثرة التفكير.
كنت اظن بأني سأرتاح و لكن استاءت والدتي من وجودي وقالت: لم تختلقين المشاكل؟ حلي مشاكلك مع زوجك فلن تحصلي على رجل مثل حسن...
ارتحت لمدة يومين، ثم قررت أن اتخذ قراراً مصيرياً لوحدي.. قررت الذهاب للمحكمة لأخذ موعداً لجلسة طلاق بيني و بين حسن، وأن اضع الجميع تحت الأمر الواقع.
أنا لا استطيع أن اقبل بأن أكون مسيرة لرغبات أهلي، ولست مجبورة أن اتقبل فقر زوجي، فأنا أعمل ولديّ راتبي واستطيع أن استقل لوحدي إن لم يرغب أهلي في استقبالي في منزلهم بعد الطلاق..
ذهبت للمحكمة بدون علم أهلي، وأخذت رقماً لأنتظردوري في حجز موعداً لجلسة طلاق فالعدد كان كبيراً في المحكمة و الرقم الذي حصلت عليه ليحين دوري بعيد جداً.
وبعد 10 دقائق تفاجأت بوجود دانة .. لمحتني من بعيد وجلست بجانبي..
أمل: دانة! ما الذي أتى بك إلى هنا!
دانة: أريد الطلاق..
أمل: لماذا؟ زوجك أفضل رجل في العالم..
دانة تبكي: وما أدراك؟ كيف تحكمين هكذا وأنت لم تعيشي معه؟
أمل: طل الألماسات والسيارات الفارهة والدلال الذي يقدمه لك ولم تحبيه!
دانة تمسح دموعها بمنديل: أنتِ فعلاً فتاة ساذجة.
أمل: ما الذي حصل لتقولي ذلك؟
دانة: سعيد رجل قاسي القلب، لا يحترمني ولا يقدر المرأة، وكل ما يهمه هو مصلحته فقط، فأطقم الماس التي كنت ارتديها ما هي إلا عبارة عن حجر الموزنات المشابهة لأحجار الماس، وقد استعنت بها لأنها شبيهة بالماس وسعرها لا يتجاوز ال40 ديناراً..
و استرسلت دانة قائلة:
أما السيارات و تنويعي في موديلاتها بين فترة و أخرى، جميعها سيارات إجار من معرض السيارات، استأجرها للذهاب لعملي لأنه رفض شراء سيارة خاصة بي..
اتعلمين يا أمل، لقد خدعني بطقم الماس الخاص بزواجي، فعندما اردت بيعه لأسدد بعض ديوني المتراكمة قال لي بائع المجوهرات بأنه ليس أصلي وبأن الطقم عبارة عن حجر التوباز والكريستال و بأن ثمنه لا يتجاوز ال70 دينارا.. أنا مخدوعة مثلكم!
أما أمر الفيلا الضخمة التي نسكنها فهي فيلا مستأجرة وأنا من أدفع أجرتها من راتبي الشهري، والفترة الأخيرة صاحب الفيلا يطالبنا بتسديد الدفعات المتراكمة التي رفض هذا البخيل مساعدتي في دفعها...
أنتِ محظوظة يا أمل بزوجك حسن الذي يحبك و يغدقك بكلمات الحب و الرومانسية، يحترمك و يقدرك ويكرمك قدر استطاعته... أنا احسدك عليه، لقد صبرتِ ونلتِ رجلاً شهما....
واصلت دانة شكواها عن معاملة سعيد القاسية لها وسط صدمتي بالحقيقة وذهولي وصمتي!
هل هذا هو واقع دانة المغلف؟ لقد احسنت تغليف حياتها..
ثم وجهت دانة سؤالاً لأمل: لماذا حضرت المحكمة اليوم يا أمل؟
حل الصمت بينهما.. ثم ظهر رقم الانتظار الخاص بأمل على الشاشة.. حان دورها لحجز موعد..
دانة: لقد حان دورك.. أنه رقمك الذي يظهر على الشاشة.
نظرت أمل إلى دانة.. ثم نظرت إلى الشاشة.. وبعدها إلى الرقم الذي في يدها.. قامت بتمزيقه وكأنها لا تريد الدور المشؤوم.. ثم أخرجت هاتفها المتنقل من حقيبتها.. قامت بالبحث بين الأسماء .. "صديقتي دانة".. قامت بمحو الأسم الذي يحمل رقم دانة على مرأى من عيني دانة وكأنها تقول لها "انهيت علاقتي بك".. ثم اشاحت بوجهها متجاهلة صديقتها..
دانة: لماذا تريدي أن تقطعي علاقتك بي؟
أمل: لن أطيل الشرح ولكنك دمرت طريقة تفكيري.. وأريد أن أعيش باقي عمري قانعة بما لدي .. واخترت أن أطلقك من حياتي وأن لا تكوني جزءاً يؤثر سلباً علي.. شكراً لك على الدرس القاسي الذي علمتني إياه..
ثم اشاحت بوجهها متجاهلة صديقتها..
ذهبت إلى المحكمة لطلب الطلاق من زوجي، ولكن دبر الله أمري فطلقت صديقي .. تركتها و أفكارها المسمومة للأبد.. تخلصت من كل الترسبات في الماضي التي كانت عالقة بسببها في لحظة كشف الحقيقة..
لم اعد إلى منزل والدي، بل رجعت إلى شقتي المتواضعة.. رتبتها واشعلت البخور بعد أن أعددت طعام الغذاء، وانتظرت حسن وأنا ارتدي أجمل حلة وكأني عروس في يوم عيد.. ولم أنسى أن ارتدي السلسال الذي جلبه لي في أول يوم من زفافي.
استقبلت حسن بوجه بشوش، واستغرب عند وصوله من المفاجأة التي أعددتها له.. فهذه المرة الأولى التي أفاجأه فيها.
حسن: حبيبتي أمل هل عدت؟ نورت المكان بوجودك يا عزيزتي.. لقد اشتقت لك كثيراً.. تبدين جميلة اليوم..
أمل: شكراً لك يا حبيبي و عمري و حياتي و تاج راسي.. شكراً على اليوم الذي تعرفت فيه عليك يا عزيزي..
شعرت أمل بأنها تحب حسن كثيراً وتتقبله، وبالخصوص بعد أن عرفت حقيقة صديقتها التي توهمها بالثراء، وتؤجج نار الغيرة وعدم الرضا بالواقع..
كنت أرى الحياة بمنظور مختلف وزاوية واحدة.. كنت أرى القناع الجميل الذي تتباهى به دانة.. لا تحكموا على الناس من الخارج.. فالبيوت أسرار.. والكثير من يظهر جزءاً بسيطاً وجميلاً من حياته و يخفي الكثير من الألم والمشاكل لأنهم يعرفوا بأن الناس تحكم على الظاهر فقط..
كنت سأدمر حياتي بعدم قبولي لشريك حياتي.. بسبب عدم قبولي لمهنته ومستواه المادي.. ولم أكن أدرك بأنه ما من عيب إذا كانت المهنة بسيطة و بالرزق الحلال..
كان شعوري بالنقص الذي كانت تلهمني دانة إليه بتصرفاتها وتفاخرها وتباهيها أمامي هو السبب..
لم تمر سنة واحدة على تركي لدانة .. كانت اشهر بسيطة التي تغيرت فيها طريقة تفكيري ومعاملتي مع زوجي و أمي وأبي وأختي ومعارفي.. وكأن الله قد رضى عني برضاي عن حياتي.. فكان أول من بشرته بحملي هو أمي التي كنت أظن بأنها تكرهني من تصرفاتها السابقة معي، صرت أحبها أكثر من السابق .. صرت أحب نفسي وأهلي وزوجي.. وأصبحت أكثر إيجابية ومرونة في التعامل مع الآخرين في حياتي اليومية.
إن أهم قاعدة في العلاقات علينا جميعاً أن نقبلها هي أننا لا نستطيع أن نغير الآخر إلا إذا رغب هو بالتغيير، و أن الشخص الوحيد الذي نستطيع أن نغيره هو نحن، وفهم هذه القاعدة يجنبك الكثير من مشاعر الألم ويجعلك تعيش القبول.
تملك أمل الآن كنزاً لا يملكه الكثيرون.. هو كنز القناعة والرضا بما قسمه الله لنا.. و هذا هو كنز أمل..
النهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاية
بقلم
زهرة علي
القناعة كنز والقليل من يملك تلك القناعات في هذا الزمن فالكثيرين يلهثون خلف المال
ردحذفبالطبع.. تعليق مميز منك أخي حميد....شكراً على مرورك اللطيف على مدونتي
حذف