التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خفف السرعة الآن- رواية - الكاتبة زهرة علي

خفف السرعة الآن- رواية - الكاتبة زهرة علي




خفف السرعة الآن- رواية - الكاتبة زهرة علي



أهلا بكم معنا في رواية جديدة و مميزة.. رواية اجتماعية.. تتخللها أحداث ملهمة لحياتك.


سأروي لكم قصة سارة، إحدى الفتيات اللاتي تدربن فن السياقة بإصرار، فربما تكون هذه الرواية ملهمة لمتدربات سياقة المركبات"السيارات" المبتدئات، وربما تعيد ذكرياتك في تدرب السياقة.


نلقى نحن الفتيات صعوبة في تعلم قيادة السيارات، بعكس الشباب التي تعتبر قيادة السيارات بالنسبة لهم متعة.


سأترككم مع بطلة الرواية سارة لتحدثكم عن قصتها في تعلم قيادة السيارات، و كيف تغلبت عليها بالتخلص من المعيقات.


مذكرات تدريب قيادة السيارة


ملاحظة رقم (1): الأحداث حصلت في عام 2002م ، و كان وقتها المدربين للسياقة يقتصر على الرجال، و لا يوجد مدربات سياقة من الإناث حينها في مملكة البحرين.

ملاحظة رقم (2): أي تشابه في الأحداث أو في الأسماء فهو بمحض الصدفة.

ملاحظة رقم (3): الريوس يعني قيادة السيارة إلى الخلف، الدرايف: قيادة السيارة للأمام، الكلج و البريك: ندوس عليهما معاً لتخفيف السرعة أو للتوقف...

--------------------------------------------------------------------


سارة:

قررت أن أتدرب تعليم سياقة المركبات ( السيارات) ، و كنت وقتها أدرس في الجامعة، و قد أعلمت والدي بقراري هذا ورحب بالفكرة، ولكنه أخبرني بأني سأجد صعوبة في إيجاد المدرب المناسب، وبأنه مشغول و سيسافر في رحلة العمل بعد أسبوعين.



أخبرته بأني أستطيع الإعتماد على نفسي، فأنا الآن كبيرة وأدرس في الجامعة، ثم ساعدني والدي في إخراج رخصة لتدريب السياقة، ولكن قبلها أخبروه بأن من الشروط أن أحضر محاضرة لإعطائي بعض إرشادات المرور و السلامة.


المحاضرة:

 وبعد ثلاثة أيام دخلت قاعة المحاضرات، وكانت مكتضة بالناس، فتيان وفتيات بمختلف الأعمار، جلست على مقعدي، وكان المحاضر يرتدي بدلة رجل المرور، وهو كبير في السن فقد كان الشيب قد غزى شعره، وبدى على وجهه الحكمة والتواضع،  قد علّمنا إرشادات المرور وعلامات في الطريق يجب معرفتها، وأعطانا كتاباً فيه صوراً وإرشادات بالتفصيل.


كان الحديث معه رائعاً حيث كان يتكلم عن قصصاً لأشخاص حصلوا على رخصة القيادة من الاختبار الأول، و آخرين لم يلتزموا بقوانين المرور فكانت نهايتهم مأساوية، فكان تارة يشجعنا و تارة أخرى يحذرنا من المخاطر.



و بعدها بأسبوع استلمت رخصة تسمح بتدريب السياقة، فقد تجاوز عمري الثامنة عشر آنذاك، وتجاوزت فحص النظر وحضرت المحاضرة، ودفعت الرسوم المطلوبة، وبقي هنا مرحلة البحث عن مدرب سياقة مناسب.



البحث عن مدرب سياقة :

أعطتني صديقتي قائمة بأسماء جميع مدربين السياقة في البحرين مع أرقام هواتفهم، وبدأت اتصل من خلال هاتف المنزل بواحداً تلو الآخر، البعض هاتفه مقطوع، والبعض قبل أن أكمل حديثي يخبرني بمنتهى الفضاضة بأنه لا يملك وقتاً لتدريب البنات، والبعض يخبرني بأن جدوله ممتلئ بالكثير، حاولت وحاولت و لم أيأس من البحث ، وفي كل يوم اتصل بمجموعة من المدربين دون جدوى، حتى حان موعد سفر والدي، ولكنه حفزني على الاستمرار في البحث حتى لا أفقد الأمل.



كان سفر والدي لمدة شهر، وبين ضغوط الجامعة وفكرة البحث عن مدرب كنت أشعر بالإحباط، فهذا هدفي الآن وأريد أن أحققه، وأنا فعلاً كنت محتاجة للتدرب وللسيارة، وبالخصوص بأني كنت أذهب إلى باص الجامعة في السابعة والنصف و أرجع إلى المنزل في الخامسة عصراً، وانتظر وقتاً طويلاً بعد إنتهاء محاضراتي باكراً، أو عندما تلغى المحاضرات.



استمررت في الاتصال والبحث ، ثم رد عليّ أحدهم وأخبرني بأنه يستطيع تدريبي، وحسب جدوله في الثانية ظهراً ولمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، ثم أني أخبرته بأني لا أملك هاتفاً متنقلاً وبأني سأنتظره عند باب منزلي، وأعطيته عنواني، وقد مرّ عليّ في اليوم التالي عند باب المنزل، سلمت  عليه ورد التحية، وركبت السيارة ، وعرفته على نفسي، وطلب مني دفتر التدريب وكان لونه أزرق، وكانت مدة التدريب ساعتين في اليوم.



كان المدرب في الخمسينات من عمره، يرتدي ملابسنا الخليجية " ثوب وغتره وعقال" ويضع نظارة طبية على وجهه، ومهما كان عمره كنت قد أخذت احتياطاتي مسبقاً، فقد أرتديت قفازاً باللون الأسود، وعباءة خليجية واسعة ، وضبطت حجابي بحيث لا تخرج ولا شعرة من رأسي، وحتى لا يلهيني تعديل حجابي عن التركيز في السياقة.



 وكانت المرة الأولى التي سأركب فيها مع رجل في حياتي، فأنا من عائلة محافظة، ولا أعرف أن أتكلم مع الرجال، حتى الشباب الذين معي في الجامعة، كنت أتحاشى التحدث إليهم، لأني كنت من عائلة محافظة وأخشى على سمعتي... وقد شعرت بالخوف والأرتباك، ولكن والدتي أخبرتني بأن أتجرأ من أجل مصلحتي، وأن لا أدع الحياء يفسد عليّ فرص التعلم والتطور.



أخبرني المدرب حينها بأني في البداية عليّ أن أنظر إليه وإلى طريقة قيادته، عرفني على " الكلج والبريك" الموجودان عند القدم، وعلمني على إشارات القيادة باليد" المقود، الريوس، الدرايف، الهاند بريك....".



 ثم اتجه بي في مدرسة تدريب السياقة إلى شارع واسع كان يقع خلف المدرسة، واستبدلنا المقاعد وكانت المرة الأولى التي أجرب شعور الجلوس خلف مقود السيارة، كان شعوراً رائعاً ممتلئاً بالقليل من الخوف، والقليل من الخجل لأنها المرة الأولى التي أركب فيها مع رجل غريب.



أذكر موقفاً محرجاً قد حدث لي، فقد أخبرني " طقي سكنير" أي إشارة للاتجاه نحو اليمين أو نحو اليسار، كنت أضنه صعباً وثقيلاً تماماً مثل " الكلج" فرفعته بقوة كاد أن ينكسر، فصرخ حينها بقوة " أنتي فتاة رقيقة ، لم هذا التعامل مع سيارتي، ارفعيه ببطئ وبهدوء، لا يحتاج إلى القوة" ... 



اُحرجت قليلاً من كلامه، و لكنها المرة الأولى لي في تجربة القيادة وليس لي الخبرة الكافية مثل بعض الشباب الذين يستغفلون والديهم ويسرقوا مفتاح السيارة ليجربوا، أدركت حينها السبب الذي يجعل الشباب متفوقون على الفتيات في السياقة، فهم يجربون الأمر قبل إصدار الرخصة، ولذلك ينجحون من الامتحان الأول.



انتهت ساعتان، ثم وقع لي في الدفتر بعد أن كتب التاريخ، واتفق معي بأنه في المرة القادمة سيحضر لي في  محطة باص الجامعة، في الجامعة التي أدرس فيها، وفي نفس الوقت المحدد، حيث أكون قد أنهيت جميع محاضراتي.



رجعت إلى المنزل، واستقبلتني والدتي، فقد كانت تدعو لي طيلة الوقت بأن يوفقني الله في أمري، وحكيت لها كل ما حصل معي.



مرت الأيام وأنا أتدرب وقد اعتدت على السياقة، وكان المدرب يدعوني في بعض اللحظات إلى زيادة السرعة حتى لا يتأخر عن موعده التالي مع متدرب آخر، وهنا تعلمت السرعة.


 وبعد أن تمكنت من القيادة في داخل مدرسة تدريب السياقة، أنطلقنا خارجاً أي التدرب خارج المدرسة، وقد حدثت لي مواقف محرجة أثناء التدريب.


مواقف غريبة:

الموقف الأول هو عندما خرجت من المدرسة، كان هناك بالخلف سيارة من نوع (بيكب) تحاول أن تتجاوزني، ولكني أسرعت قليلاً ، وصادف بأن هناك دوار يدعى بدوار الفخار في المقابل، فوقفت فجأة، وبدوره "البيكب" صعد فوق الدوار بعد أن قام بإصدار صوت مزعج من سيارته نتيجة التوقف الطارئ، ولكن الشاب كان يضحك والحمد لله أنه لم يصبه أي مكروه .



 أردت الأعتذار منه، ولكن المدرب رفض وقال: " الخطأ كان صادراً منه، فمركبتنا بها لافته مكتوب عليها "احذر سيارة تدريب سياقة" و كان عليه الانتباه قبل أن يتهور".



ومرت الأيام إلى أن قضيت ثمانية عشر ساعة، وهي المدة التي عليّ قضائها لأحصل على موعد لدخول امتحان القيادة، وأخذت موعداً يتناسب مع مواعيد محاضراتي في الجامعة، مع العلم بأن قيمة الأمتحان آنذاك بعشرة دنانير غير قابلة للإسترجاع.



الامتحان الأول في السياقة:

كانت معنوياتي عالية جداً عندما اصطحبني والدي لإمتحان القيادة من الجامعة، وكنت أشعر بأني سأنجح من الفرصة الأولى.



دخلت إلى قاعة التجمع، وكانت هناك قاعتان، واحدة لإنتظار النساء أدوارهن، والأخرى لإنتظار الرجال أدوارهم.



وبعد خمس دقائق من جلوسي في قاعة النساء، تم مناداة اسمي من قبل "المرور" الذي سيقيمني، كان رجلاً ذو هيبة، ومع ذلك لم أكن خائفة بل واثقة من نجاحي، وركبت السيارة المفترض عليّ تقديم الامتحان فيها ، وركب معي شرطي المرور ومعه ورقة  للتقييم يكتب فيها ملاحظاته.



 اخبرني بأن أخرج من مواقف السيارات "الباركات"، و كانت السيارة خفيفة جداً جداً فوق كل التوقعات ، فالكلج و البريك الذي في سيارة المدرب مختلف و ثقيل، ثم قدت السيارة، و أنا سعيدة جداً وكلي أمل في الانتهاء ومعي رخصة القيادة من الاختبار الأول "النجاح من التراي الأول" .


 وما هي إلا ثلاث دقائق فقط، حتى أخبرني شرطي المرور بلهجة عصبية: " ارجعي إلى الباركات"، و رجعت والدهشة مرسومة على وجهي، لأني لم امتحن بعد في "الريوس" ولا في المرتفعات"!


سلمني حينها ورقة مكتوب عليها "راسبة بسبب السرعة فوق مستوى ال30 وهذا ما لا يسمح به داخل المدرسة".


كانت صدمة بالنسبة لي، كتمت غيضي وحزني ، وذهبت لوالدي الذي كان ينتظرني خارج قاعة الانتظار ، و قال: " بشري"، وقلت: " سأخبرك بكل شيء في السيارة".


وعندما ركبت سيارة والدي، انفجرت بالبكاء بطريقة الأطفال، دموع ونحيب قوي، حاول والدي تهدئتي وتلطيف الجو، وقال ضاحكاً: " أكيد في الريوس، لا تحاتين يا بنتي في فرص ثانية، وأكيد بتنجحين من الثاني".


ولكنني صدمته وقلت: " لم يأخذني حتى لإختبار الريوس، لقد ارجعني بسبب السرعة، كنت أقود في ال30 فقط، مثل ما علمني المدرب في الأيام العادية، ولم ينبهني المدرب مسبقاً إلى أن السرعة داخل المدرسة خطأ مصيري".



حينها هدئني والدي، واشترى لي من الكفتيريا عصيراً وسندويشات، لم تكن لدي الرغبة في تناول الطعام، ولكنه أصر على ذلك، واخبرته برغبتي في العودة إلى المنزل لأني لا أستطيع حضور محاضراتي في هذه الحالة.


استقبلتني والدتي في أحضانها، وبكيت بكاءاً مريراً، فهذه المرة الأولى التي أفشل فيها في تحدي أو اختبار، وبعدها بقليل رن هاتف المنزل، واخبرتني والدتي بأن المدرب يريد أن يكلمك، رددت عليه، واخبرته بأني فشلت بسبب السرعة، اخبرني بأنه يستطيع تدريبي تدريباً مكثفاً، فقبلت ذلك، وكنت اتصرف بقوة أمامه، حتى لا أبين ضعفي لأحد.


التدرب للفرصة الثانية:

اخذت كفاً قوياً من الحياة من خلال فشلي، فأنا لم أفشل يوماً، حتى في دراستي في المدرسة والجامعة، أحياناً تتدنى درجاتي ولكن لا أفشل و أرسب، كانت ضربة قوية، لذلك رجعت إلى كتاب الإرشادات الذي اعطانا إياه المحاضر سابقاً، وبدأت اقرأ واحفظ جميع التعليمات، وإشارات المرور... كنت ابحث عن الخلل الذي جعلني أفشل رغم ثقتي التامة في نجاحي و تفاؤلي.



كانت هذه الفرصة الثانية لي في التدرب، والفرصة الثانية لمدربي في توجيهي بالطريقة الصحيحة، فأنا أدفع أربعة دنانير للساعة أي ثمانية دينار للساعتان المتواصلتان اللتان أتدرب فيهما، فهو يأخذ أجره دون نقصان ،وعليّ أن آخذ حقي في التعليم والتدريب والتوجيه دون أي محاولات لتضييع الوقت.



كنت حاسمة في ذلك، اتدرب بتحدي، كنت اتحدى نفسي، لأثبت لنفسي وللآخرين بأني استطيع تجاوز العقبات.


المدرب: " انهينا جميع القواعد والدروس، وسنركز على الريوس والمرتفعات"


تدربت بشكل جدي أكبر، لأني أود أن أنهي الموضوع، لأركز على دراستي في الجامعة، وبالخصوص بأن الموضوع شغل تفكيري كثيراً في المرحلة الأخيرة.


كان المدرب يذهب بي إلى مكان واسع في المدرسة للتدرب على "الريوس"، وكان يتركني لوحدي في السيارة لإعادة المحاولة، ويذهب بدوره إلى الاستراحة القريبة من المكان، و هي عبارة عن مكان مضلل عن الشمس وكراسي بيضاء طويلة.



كنت أقوم بإعادة المحاولة أكثر من مرة، اتدرب فيها على " الريوس" فتارةً أصيب وتارةً أخرى أخيب، ومرةً تتوقف السيارة، وأعيد تشغيلها، وعندما ينتهي المدرب من استراحته المزعومة، يركب السيارة ليعيدني لمنزلي لأن وقتي قارب على الانتهاء، وهكذا في كل مرة ، إلى أن انهيت ست ساعات، وتقدمت بطلب موعد للاختبار الثاني.


الامتحان الثاني في السياقة:

لم أكن متفائلة كالمرة السابقة، ولكنني كنت حازمة و حذرة جداً، خرجت مع المرور من الباركات ، و كنت منتبهة على أن لا تزيد سرعتي عن 23 كحد أقصى، كنت أخفف السرعة في المنحدرات الصغيرة، وتجاوزت امتحان المرتفعات.



 و في امتحان " الريوس" ذهبنا إلى مكان غير الذي كنا نتدرب عليه، فالمكان الذي كنا نتدرب فيه كان واسعاً ، بينما هنا كانت المنطقة ضيقة ، و قد أعطاني المرور فرصة واحد للريوس، ولم اجتازها، ورجعت بخيبة أمل ، حيث كتب لي المرور في الورقة "راسبة، لم تتجاوز الريوس".


 احسست حينها بخيبة أكبر من التي تسبقها، وزاد التحدي في ذاتي، وعلقت موضوع فشلي ورسوبي في المرتين على مدربي الذي لم يعطيني الإرشادات المناسبة، ولم يؤهلني بشكل سليم مع علمه بأني سأدخل الامتحان.


 لذلك عندما اتصل بي على هاتف المنزل، انهيت معه الموضوع واخبرته بأنه السبب فيما حصل لي بكل صراحة، فلو كان يجلس معي في السيارة ويوجهني ويرشدني بأخطائي، بدلاً من الذهاب إلى الاستراحة في كل مرة ، لما حصل كل هذا بي.


البحث عن مدرب سياقة محترف:

لم اكترث بأمر صعوبة الحصول على مدرب من القائمة السابقة، كان همي أن أجد مدرب لديه ضمير في تدريبي، فنجاحي في السياقة من نجاح مستقبلي، سأحتاج السيارة في الذهاب للدراسة و للعمل مستقبلاً، فهذا الأمر مهماً جداً بالنسبة لي.


أخبرت صديقاتي بالأمر، وكلمت صديقتي الأولى بالموضوع، فأخبرتني أن مدربها أخبرها بأنه لا يوجد لديه فرصة ، فقائمة الانتظار بالترتيب لديه مليئة بالمنتظرين، ثم كلمت صديقتي الثانية، واخبرها مدربها بأنه يستطيع تدريبي وبالخصوص أن الساعات المتبقية لي قليلة.


التدرب للفرصة الثالثة:

كان المدرب الجديد مختلفاً كثيراً عن المدرب الأول في كل شيء، بالرغم أن عمرهما متقارب، كان يدربني بضمير، علمني من جديد على الاتجاهات ، الاتجاه للسيد الأيمن عندما أريد الذهاب لليمين فأكون على اليمين من الدوار، والاتجاه للسيد الأيسر عندما أريد الذهاب للسيد الأيسر أو "دبل يسار" من الدوار، وأن آخذ المسار الأوسط عندما أريد الذهاب إلى أمام الدوار.


لقد علمني على قوانين السرعة، وقوانين الدوار من جديد، لم يكن ينزل من السيارة أثناء تعليمي على "الريوس" بل كان يوجهني، ويعلمني أخطائي حتى لا أكررها.


موقف خطير:

حدث أن سكت عني مرة وكنا خارج المدرسة، وانطلقت بسرعة كبيرة، ولكني تفاجأت بوجود منزل في تقاطع الطريق، و لم استطع السيطرة ، فتركت مقود السيارة ، وتركت كل شيء، ولكن في آخر لحظة، انقذ المدرب الأمر ب"كلج و بريك" قوي، وكان هناك نقطة واحدة ونصطدم في البيت الذي أمامنا.


ولولا لطف الله، ومن تلك الللحظة عرف أنني لم اتلقى الأساسيات الصحيحة من المدرب الأول، وقد تعب على تعليمي من جديد، وعندها انهيت ساعاتي الست وحجزت موعداً لامتحان السياقة، وكانت والدتي تردد على مسامعي: " الثالثة ثابته".


الامتحان الثالث في السياقة:

في هذه المرة اعطاني المرور فرصتين "للريوس" في ممر ضيق، ولم اتجاوزها، ولم انجح، وكان المرور سيئاً جداً في تعامله معي، لم يكن طيب، كان صوته عالي ومخيف، حتى أنه أعطاني الورقة ونزل مترجلاً عني من السيارة بدون أن ينطق معي أي كلمة، كان فظاً وغليظاً.


اذكر حينها عرفت بأن بعض الأقاويل مثل " الثالثة ثابته" لا تجدي نفعاً، وأنه عليّ أن أتوكل على الله تعالى مع الأخذ بالأسباب، وأن لا أتخاذل لتحقيق هدفي.


طمأنني المدرب حينها أنه وضع خطة كاملة لنجاحي، وبأنه يمكنني اجتياز الأمر في المرة القادمة إذا ركزت معه.


التدرب للفرصة الرابعة :

كما وعدني المدرب الثاني بأنه وضع خطة محكمة لنجاحي، ولزيادة ثقتي بالنجاح، كان يتعامل معي بكل لطف واحترام وكان جاداً معي وذو ضمير حي، كانت الخطة عبارة عن تطبيقي لأمتحانات سابقة لمتدربين سابقين.


فقد كان يسأل متدربيه في كل مرة عن امتحاناتهم التي تجاوزوها ولم يتجاوزوها، وفي كل ساعة تدريبية كان يعطيني امتحاناً مختلفاً.


 كان يتعامل معي كمرور، حتى اعتاد الأمر فيما بعد ولا ارتبك من المرور، وقد علمني على " الريوس في الممر الضيق"، هكذا كنت اسميه لأني كنت اشعر بأنه اصغر من السيارة حتى... 

وأعطاني اختبارات داخل المدرسة، وأخرى خارج المدرسة أي في الشارع العام، وعلمني على طريقة المثلى في التعامل مع المرايا الجانبية... إلى أن كتب ووقع لي على الساعات التي تدربتها، وحجزت بعدها موعداً لامتحان جديد.


الامتحان الرابع في السياقة:

كانت ثقتي هذه المرة قد عادت مرة أخرى، الغريب في الأمر بأن المرور الذي كان يلقي المحاضرة علينا سابقاً هو نفسه من دخل معي الامتحان في هذه المرة، كان طيباً معي، و أخبرني بأن لا أخاف و لا ارتبك ، و أن اعتبر نفسي مع المدرب، ثم أنه أختبرني في المرتفع.


 و من لطفه بأنه اختبرني في " الريوس" في أوسع ممر مخطط أي لم اممتحن في "الريوس الضيق" ، و قد بشرني بأني نجحت في الامتحان داخل المدرسة، وعليّ الاتجاه بالسيارة خارج المدرسة ليمتحنني في الشق الثاني من الامتحان أي في الشارع العام ، ثم انه جعلني ألف إلى يمين دوار الفخار و عاد بي من البوابة الخلفية للمدرسة ، ثم أدخلت السيارة في الباركات.



 و بعدها أعطاني ورقة مكتوب عليها" اجتازت الامتحان في داخل و خارج المدرسة" و قال لي: مبروك يا ابنتي، اذهبي للمكتب لإكمال باقي الإرشادات ، و إخراج رخصة القيادة " الليسن".


فرحة النجاح:

كنت سعيدة جداً، و كانت الأرض لا تسعني من الفرح.

كنت فتاة حالمة، شاهدت بعيني زهوراً تتناثر بمناسبة نجاحي و موسيقى الفرح تعزف أوتارها في قلبي، و لم يشاهد أحد ما رأيته.. إنه إحساس الفرح و الانتصار على الفشل.


بشرت حينها والدي الذي كان ينتظرني كالمعتاد ، و ذهبت معه لإختيار الحلويات، اخترت حلويات لأمي و اخوتي للاحتفال بمناسبة النجاح، و أخرى غلفتها بشكل جميل للمدرب الذي كان له الفضل في نجاحي، و له الفضل في تعليمي القوانين الصحيحة للمرور.


 و لم انسى جملته لي بعد أن فرح و بارك لي بنجاحي" ابنتي عليكي أن تسوقي بحذر،  و بالخصوص إذا كان يركب معك أحداً في السيارة، يجب أن يشعروا بالأمان فأنتِ المسؤولة عن حياتهم و هم معك ، كوني سائقة ماهرة فالسياقة مهارة تعكس أخلاقك"



صحيح أن الأمر كان متعباً و مرهقاً لي، و لكني استمتعت في هذه الرحلة، لأني عرفت كيف أميز بين الصح و الخطأ، و عرفت القوانين و التوجيهات الصحيحة، و عرفت معنى التركيز، و معنى الثقة و المثابرة و عدم الاستسلام ، و بأني استطيع أن انجز و اتجاوز فشلي بالمحاولة و تعلم عدم تكرار الأخطاء السابقة.



مغامرات سارة في قيادة السيارة



رغم صعوبة حصولي على رخصة قيادة المركبات، إلا أني بمثابرتي و إصراري على النجاح حصلت عليها، و كان والدّي هما المشجعان لي في ذلك، فيعتبران السياقة ضرورية للمرأة .



شجعني والدي كثيراً، فقد كان يخرج معي في مساحة واسعة قريبة من المنزل، ويسمح لي بقيادة سيارته، و لكن سيارة والدي كانت كبيرة بالنسبة لي ، و "الكلج و البريك" ثقيل أكثر من سيارة التدريب ، إلا إن والدي يعشق السيارات التي تحتوي على " كلج و بريك" و يسمي السائق الذي يقود سيارات بهذه المواصفات بالسائق الماهر.



و كذلك شجعني أخي الأكبر بإعطائي سيارته الحديثة، و عرفت حينها بأن ليس جميع السيارات متشابهة في القيادة، فسيارة أخي مختلفة ، توجد بها دواسة للبريك و أخرى للبترول، و المقعد نتحكم فيه " فل أوتوماتيك" ، و قد أعجب أخي بمهارتي في السياقة عند تجربتي لسيارته، لذلك قرر إعطائي إياها للذهاب لمحاضراتي الجامعية.



فرحت كثيراً لثقته بي و بسياقتي، و لكني تعلمت دروساً جديدة لم اتعلمها في تدريب القيادة، بل تعلمتها من خلال مغامراتي في قيادة السيارة.


مغامرة سارة في الذهاب إلى الجامعة:



و في صباح اليوم التالي، كان لدي إمتحان نهائي في الفترة الأولى أي في الساعة الثامنة صباحاً، و من شدة فرحي ذهبت بالسيارة باكراً، و كنت أول الواصلين إلى باركات الجامعة في مدينة عيسى ، و قدمت الامتحان الذي كان سهلاً ، و عند خروجي من الامتحان في الساعة العاشرة صباحا، ذهلت بكثرة السيارات في الباركات، و أخذت أبحث عن سيارة أخي، فأنا لم أحفظ مكان السيارة لأن الباركات كانت متوفرة حينها، و لكن كثرة السيارات جعلتني ابحث لمدة ساعة تحت اشعة الشمس.



وجدت السيارة، و اتجهت نحوها، و حاولت فتحها بالمفتاح و لم تفتح، و عندما نظرت إلى ما بداخلها، عرفت أنها سيارة مشابهة لسيارة أخي ، شعرت حينها بخيبة أمل ، و تعبت من البحث بين السيارات، حينها تذكرت بأن أخي يضع في سيارته غطاء أحمر اللون "كفر أحمر" ، صحيح أني تأخرت على العودة للمنزل و لكني فهمت الدرس.



 الدرس الأول الذي تعلمته هو أن أحفظ مكان السيارة حتى مع قلة السيارات، و إن أمكن تسجيل رقم السيارة في ورقة و احتفظ بها في حقيبتي، و إن وجدت صعوبة أخبر أمن الجامعة في مساعدتي في البحث ، أو إعطائهم رقم السيارة للبحث، و أن لا أحاول فتح سيارات الآخرين حتى لو كانت مشابهة ، فبعضها يحتوي على جرس إنذار.



أخبرت أخي بما حصل لي، و أخبرني بأنه في المرة القادمة عليّ أن آخذ موقفين من السيارات حتى لا تخدش سيارته الجديدة ، أو أن اضعها بعيداً عن كل السيارات.



شراء سيارة جديدة:

كنت أذهب للجامعة تارةً بسيارة أخي و تارةً أخرى في باص الجامعة ، لأن أخي يحتاج سيارته لعمله ، و بعدها قرر والدي شراء سيارة جديدة لي ، و لكن أخي أشار إليه بأن يشتري سيارة مستخدمة مسبقاً إلى أن أجيد القيادة أكثر، فكلنا في بداياتنا نتخبط قليلاً!



شعرت براحة أكثر و أنا أملك سيارتي الخاصة بي ، فقد كنت أركنها قريباً من البوابة لأصل إلى مبنى محاضراتي باكراً، و كانت سيارتي رغم بساطتها إلا أنها جميلة و سريعة، أحببتها كثيراً.



اهدتني صديقتي شريطاً بمناسبة السيارة الجديدة ، كان شريطاً للفنان حسين الجسمي، كنت استمتع بصوته الجميل أثناء القيادة.


مغامرة عطل في إطار السيارة:

كان هناك أعمال صيانة في الشارع العام القريب من جامعتي، و قد كنت أسمع صوتاً غريباً، ضننته من أعمال الحفر و الصيانة الذي كان صوته عالياً في الشارع العام الذي أمر عليه، و لكن بعد أن تجاوزت أعمال الصيانة ، أكتشفت حينها بأن الصوت من السيارة، لذلك توقفت جانباً.



نزلت من السيارة بعد أن ضغطت على زر " الدينجر"، و عندما شاهدت الإطار كان ممزقاً، حينها فتحت صندوق السيارة لأرى إن كان هناك إطاراً آخر، و لكني لم أجد شيئاً في الصندوق فأغلقته.


لم أكن أملك هاتفاً متنقلاً حينها، ففكرت في الاتصال بأخي الأكبر، و لمحت حينها ورشة لتصليح السيارات، أخرجت من حقيبتي 100 فلس، و اتصلت من الهاتف العمومي الذي كان بجوار الورشة ، اتصلت بأخي لأخبره عن ما حدث لي ، و لم أجد إلا دموعي قد تساقطت على خدي، كان موقفاً صعباً بالنسبة لي أن أقف في مثل هذا المكان، و ما أن اخبرته بالأمر إلا أن قال: " قفي مكانك و اجلسي داخل السيارة سآتيك حالاً من العمل، لن اتأخر".


اغلقت الهاتف و كفكفت دموعي بيدي، و اتجهت إلى سيارتي و جلست فيها، و لكن حينها أتاني شخصاً غريباً  كان يرتدي ملابساً توحي بأنه عامل بسيط ، كان يطرق نافذة باب السيارة، فتحت القليل منها، فقد كنت خائفة جداً، قال لي: " افتحي الصندوق".


لابد أنه عرف بأن الإطار معطل و كان يريد مساعدتي..
 سارة: " لا يوجد إطاراً في الصندوق"
 و لكنه كان يعرف ما الذي يفعله..
الرجل: " قلت افتحي الصندوق"
 ففتحت صندوق السيارة..



و ما هي إلا لحظات، و إذ أخرج إطاراً من صندوق سيارتي، أهو لغز أم سحر، فأنا بنفسي فتحت الصندوق و لم أجد إطاراً، كان الصندوق خالياً!



أبدل الإطار سريعاً، و أخبرني بأن اقود السيارة للورشة القريبة ليقوم بنفخ الإطار، و كنت حينها خائفة و مرتبكة، و لكني اقتربت من هناك و قام باللازم للسيارة، شكرته على ما فعل، و قال لي: " لا بأس".



و عندها اتجهت إلى المنزل، أما ما كان من أمر أخي فقد كان يبحث عني في الشوارع لأكثر من ساعتين، ثم رجع إلى المنزل، و اطمئن قلبه عندما رآني، و أخبرته بما حصل .

 فقال أخي: " لقد مررت بالمكان الذي وصفتيه لي، و لكني لم أجدك و ضللت ابحث عنك.... و هل كافئتي الشاب بمبلغ مادي؟"

سارة: " من شدة ارتباكي لم انتبه لهذه الأمور... " ، و لكن أخي عمل اللازم ، أخذ التفاصيل ، و ذهب للرجل الذي ساعدني و أعطاه مبلغاً مقابل خدمته، و الغريب في الأمر أنه رفض المبلغ... ما أجمل التعاون بين أهل البحرين.



الدرس الثاني الذي تعلمته هو أن اثق بقيادتي، و إذا سمعت صوتاً غريباً عليّ التوقف حتى لا تزيد المشكلة في السيارة، فلو توقفت مسبقاً لما حدث تمزق في الإطار، و الحمد لله أنه لم يحدث مكروهاً لي، و تعلمت بأن الصندوق يحتوي على إطاراً للطوارئ ، و لكن مكانه يكون تحت الصندوق أي عندما افتح الصندوق ستجده خالياً، و لكن نرفع ما تحت الصندوق و سنجد الإطار الإحتياطي، و هذا ما لم أعرفه مسبقاً ، و عرفت أيضاً أن أكرم من قام بمساعدتي بالمال جزاءاً لمساعدته، و تعلمت أن أحاول إخفاء دموعي عن الآخرين، فأنا الآن كبيرة، و لا يجب عليّ البكاء في كل موقف يحصل لي.


لم أخرج من هذه التجربة بدروس فقط ، بل قرر والدي أن يشتري لي هاتفاً متنقلاً من نوع نوكيا، كنت سعيدة بذلك كثيراً، و بالخصوص بأن جميع صديقاتي في الجامعة يملكن هواتف متنقلة، و ربما أحس والدي بأني أحتاج إليه بعد الموقف الصعب الذي حصل لي، أنا فعلاً ممتنه لوالدي الذي يحبني.


تقليد مغامرات الآخرين:

كانت مغامرات الشباب بالسيارة تلفت انتباهي ، فقد كنت أحاول تقليدهم في بعض الأحيان، لزيادة رصيد مهاراتي في القيادة ، فقد كان أحد زملائي يتجاوز السيارات بمهارة عالية ، رغم أن سيارته طويلة نوعاً ما، و قد حاولت أن أقلده.



فقد كنت أمشي خلف شاحنة بطيئة و محملة بحملات ثقيلة، حينها قررت تجاوزها، و لكن السيارة في السيد الأيسر لم تعطيني الفرصة ، فهي لا متقدمة و لا متأخرة ، بل تمشي في محاذاة سيارتي، و لم أطق صبراً على ذلك، و حاولت تجاوزها ، و لكن الرجل المسن الذي كان فيها قد صوّت عليّ ببوق سيارته عالياً و كان غاضباً، و من شدة خوفي منه انطلقت بسيارتي بسرعة ، دون أن أرى له أثر.



 في هذه المرة تذكرت درساً مهماً بأن القيادة مهارة تعكس أخلاقك و تربيتك، و أضف إليها الصبر، فلا تغامر في روحك و لا في أرواح الآخرين بسرعتك و لا تتجاوز إلا للضرورة، و كن حكيماً في ذلك، فالسياقة فن و ذوق عالي.

حادث مع سيارة والدي:

إنه لمن المضحك المبكي أن أقوم بحادث عند باب المنزل ، و أن تتأذى سيارة والدي، فهل سيشكي والدي المرور؟ أو سيعاقبني؟



كان والدي عائداً من عمله و قد قام بركن سيارته أمام المنزل، و عندما عدت من الجامعة أردت أن أركن سيارتي بكل كمحترفة سياقة ، و لكني دخلت في إطار سيارة والدي ، و حاولت أن أخرج السيارة من الإطار حتى لا يعلم والدي بفعلتي، فقمت بعمل " ريوس" و لكن الحديد و باب سيارة والدي قد كسر و أظهر صوتاً أعلى.



تجمع الجيران بعد صوت الحادث ، و خرج والدي مذهولاً من المنزل بعد ان رأى سيارتي و سيارته مكسرة معاً ، و أنزلني من السيارة بهدوء و قال: " هل أصابك مكروه؟" ، قلت: " لا" ، ثم أمرني بأن أدخل إلى داخل المنزل ، و هو من سيتصرف ويحل الموضوع .



دخلت داخل المنزل، و احتضنتني والدتي قائلة: " ما الذي فعلتيه؟"، و اخبرتهم بعدها بأني كنت أريد أن أركن سيارتي كمحترفة و حصل ما لم يكن في الحسبان.


عمل والدي و أخي  و الجيران على فصل السيارتان عن بعضهما بصعوبة ، ثم نقلا السيارتان إلى أقرب ورشة لتصليح السيارات.


أخبرني والدي حينها بأنه كان من المفترض عند حدوث الحادث أن لا أحاول تحريك السيارة، حتى لا أزيد الطين بلة.


أما الدرس الذي أخذته هو ، يجب ان أتوقف عن محاولة تقليد المحترفين ، و عمل ما عرفته فقط ، المهم سلامتي و سلامة من معي و سلامة السيارات ، و لو كان الذي صدمت سيارته غريباً لتصرف معي تصرفاً فضاً ، و لكنت مع المرور، و لكن الحمد لله على حكمة والدي، كما تعلمت بأنه عند حدوث الحادث عليّ بالتوقف حالاً حتى لا أزيد الأمر سوءاً.


حادث المطبات:

في يوم من الأيام ، كنت متأخرة على محاضرة الجامعة بسبب زحمة الطريق، و أردت حينها أن أسلك طريقاً مختصراً، و المفاجآة كانت أن الشارع قد أضيف له مطبات جديدة، و لم تكن هناك إشارة تدل على وجود المطبات بعد، و كنت حينها قد زدت سرعتي إلى 100، و تفاجآت حينها بالمطبات فلم أستطع إلا التخفيف من السرعة إلى 80 فقط،  و لم أعي إلا و أنا و سيارتي قد طرنا.



بالضبط مثل أبطال السينما عندما تطير سياراتهم ، توقفت حينها بعد أن احتكت إطارات السيارة بالشارع و اظهرت دخاناً ، لأفاجآ بوجود مطبات جديدة غير ملونة و بدون وجود إشارات تدل على وجودها، لم يكن خطأي في هذه المرة، و لكن عليّ أن اكون أكثر إنتباهاً في المرات القادمة.



 الدرس يقول ابقي في مكانك حتى لو كان الشارع مزدحماً، فمصيره سيتحرك الناس، و لا تغامري بالدخول في شوارع لا تعرفي خباياها، حتى لو كانت شوارع مختصرة لمسارك.

حادث الشاحنة:

مرت الأيام بسرعة ، و تخرجت من الجامعة ، و حصلت على عمل، و ما زلت أذكر، كان اليوم الأول من شهر رمضان ، و كنت ذاهبة باكراً إلى عملي ، أخذت يسار " دوار ألبا" متجهتاً إلى عملي ، و كان الوضع طبيعياً جدا ، حيث كان رجل المرور يقف محاذاة الدوار لينظم عملية سير السيارات ، و لم أعي إلا و شاحنة قد اصطدمت و جرفت سيارتي من جهة اليمين و ظللت أصرخ دون أن يسمعني.



 و المشكلة أن السائق الآسيوي لم يكن يرى سيارتي التي كان يجرها بقوة و أنا فيها ، و كنت أنبهه بالضغط مطولاً على بوق السيارة لعله ينتبه لفعلته، و بلطف الله و فضله، انتبه رجل المرور إلى الحادث و حضر مسرعاً لي، و بعد أن اطمئن علي، أمرني بأن أركن السيارة جانباً.


عاتبت الرجل الذي ظهر عليّ ، فهو صاحب الخطأ ، و كل ما قاله: " رمضان سامحيني، أنا صائم" ، استغربت قليلاً ، فقد كان وقتها السادسة و النصف ، هو اليوم الأول من شهر رمضان ، و لم ينتصف النهار بعد لأعطيه عذراً بالجوع و عدم التركيز، اتصلت بعدها بوالدي الذي اتى مسرعاً ، ثم انتقلنا إلى إدارة الحوادث و المرور.



 اعترف الرجل الآسيوي بخطأه و اعتذر مني و من والدي ، و طلب منه رجل المرور إصلاح سيارتي على حساب عمله " التأمين" ، فالحادث حصل بشاحنة العمل الذي كان فيه.


الدرس يقول انتبهي للآخرين حتى لو كنتِ في الدرب الصحيح، فأحياناً تكوني منتبهة كثيراً و مركزة على قيادتك ، و لكن هناك من هو ليس مركز ، و هناك من هو مستهتر بأرواح الناس.



كما تعلمت أن اقرأ دعاء ركوب السيارة، سواء سيارتي أو مع الآخرين و هو : (سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين) دائماً اقرأوه للحفظ من الحوادث ، و الله خير الحافظين.



القيادة تعلمنا الصبر، و الحكمة، و التروي، و الأخلاق، و التربية، و الكثير، المهم أن تستمروا في القيادة و أن لا تدعوا للخوف مكاناً في قلوبكم، فأكتساب المهارات يأتي بكثرة الممارسة لأي عمل تود عمله.




____ النهاية_____

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف

  أوراد قرآنية لتحقيق الأهداف أحببت أن أجمع هذه الأوراد المجربة، وهي مجموعة أوراد مقتبسة من آيات قرآنية ومن أسماء الله الحسنى، ولقد رأيت في أن أشارككم فيها لعلي أنفع بها من هو أحوج إليها، ومن يحب أن يجدد في أوراده لقضاء حوائجه وتذوق حلاوة القرب من الله سبحانه وتعالى. قمت بتقسيمها كالآتي، وأسأل الله ينفعني وإياكم بها. أولاً: أوراد الفتح وهي الأوراد الخاصة بالفتح لأي هدف تريده أي تستخدمه بشكل عام لأي هدف ، وكل ما عليك هو أن تستحضر هدفك وتردد الورد باستشعار تام، والله ولي التوفيق. - (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) - ( وأثابهم فتحاً قريبا) - ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) - ( وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه) - ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) - ( نصر من الله وفتح قريب) - ( وفتحت السماء فكانت أبوابا) - ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم) - ( اللهم فتح مبين) - ( اللهم افتح لي أبواب خيرك ولطفك) ثانياً: أوراد لنيل البركة والتيسير من الله تعالى - (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) - ( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) - ( بديع السماوات والأرض و

برنامج لختم القرآن الكريم

  برنامج لختم القرآن الكريم المقدمة:  لقد أتت الأيام الجميلة، أتت مواسم الرحمة لينفض المرء عنه ثوب الغفلة، وثوب النوم، وثوب البعد والجفاء عن الله تعالى، لتكون راحته ولذته ونعيمه وسروره وشوقه في الإقبال على الله تعالى. ذكر الله تعالى يشرح الصدر ويزيل الضيق ، فما بالك بختم القرآن الكريم في الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، ولقد مرت في عمرك رمضانات كثر، فاجعل رمضانك هذا الأعظم أجراً، والأكثر سعياً وعملاً، والرواء على قلبك وروحك وعملك. أقدم لكم جدولأ لختم القرآن الكريم خلال شهر رمضان المبارك

مسرحية عريس الغفلة- مسرحية كوميدية- تأليف: زهرة علي

مسرحية عريس الغفلة- مسرحية كوميدية- تأليف: زهرة علي هذه المحاولة الأولى لي في كتابة مسرحية، فقد تجد بعض الأخطاء الدرامية، لذلك اخبرني بها فأنا اتقبل النقد البناء لتتطور محاولاتي القادمة في الكتابة. ربما تكون طريقتي في طرح الحوار جديدة فقد تعمدت الدمج ما بين اللغة العربية الفصحى والعامية لأكون لكم نكهة من نوع خاص.. ومتأكدة أنها ستعجبكم..  (ولأقيم عملي كمتابعة للمسرحية سأقوم بوضع ردة فعل الجمهور من ضحك أو الإعجاب بالتصفيق ما بين قوسين باللون الأحمر..) نبذة عن المسرحية: اسم المسرحية: عريس الغفلة نوع المسرحية: كوميدية تأليف: زهرة علي تم النشر في 12-9-2020 شخصيات المسرحية: الزوج: وليد "أبومشعل"، عمره 33 سنة ويعمل معلم لغة عربية، ويتحدث اللغة العربية الفصحى تأثراً بعمله.  ولديه ابنان: مشعل: 7 سنوات فهد: 8 سنوات الزوجة رقم 1: إيمان " أم مشعل وفهد"، في أواخر العشرينات من عمرها، من الجنسية الخليجية، انيقة وجميلة. أم الزوج: أم وليد - امرأة في الخمسينات من عمرها، ترتدي الملابس الشعبية. الزوجة رقم 2: سنية - فتاة من الجنسية