الطفل الداخلي
كثيراً ما يتراود على مسامعنا كلمة الطفل
الداخلي، هناك دورات تدريبية بمبالغ طائلة تشرح معنى الطفل الداخلي، وهناك كتب
متخصصة تفهمك معنى الطفل الداخلي، وهناك من يتجاهل الموضوع لأنه يظن أنه لا يهمه.
اطلع على هذا المقال لتتعلم معنى الطفل الداخلي،
ولترى إن كان الموضوع يناسبك ويهمك أو لا؟
الطفل الداخلي
الطفل الداخلي هو جانبك الطفولي، هو جانبك
الذي تظن أنك كبرت وانتهيت منه، وأنها مرحلة كانت في حياتك مررت بها وتعديتها و
انفصلت عنها.
الطفل الداخلي في علم النفس الشعبي وعلم
النفس التحليلي، هو جانبنا الطفولي، ويشمل كل ما تعلمناه واكتسبناه أثناء الطفولة
وقبل سن البلوغ، ويمثل الطفل الداخلي كياناً شبه مستقل تابع للعقل الواعي.
الجانب الطفولي هو كل معتقد أو فكرة أو شعور
اكتسبته في طفولتك سواءاً الطفولة المبكرة أو المتأخرة، فطفلك الداخلي بمثابة ملف
ذكرياتك، وهذا الملف هو ما ترجع إليه كل
فترة وأخرى لتقتبس منه، فتتأثر نسختك الحالية.
تلك الملفات تحمل كل التجارب والخبرات التي
تعلمتها سواءًا كانت صائبة أو خاطئة، وتحمل كل المشاعر التي تجرعتها سواءاً كانت
إيجابية أو سلبية مزعجة تحمل كل المواقف
التي أثرت على نسختك التي تكونت في المراحل التي تليها.
تلك الملفات تتواجد في اللاواعي بسبب كبت
الرغبة ومحاولة الإنسلاخ والتجرد من الطفولة نتيجة ماتم اكتسابه من البيئة منذ أن
بدأ التحكم في شخصيتك وسلوكياتك، ومنذ أن انغمست في القوانين والتعليمات.
إن أغلب الإضطرابات السلوكية الناتجة مرتبطة
باللاواعي وكل الصدمات والجروح التي تعرضت لها وحملتها معك أثرت في وضعك أثناء
البلوغ، لأنك بدأت بتعديل سلوكك لتوهم نفسك أنك في مرحلة إنتقال، وتبدأ بالتخلي عن
حقيقتك وتتجرد منها، لتطمس صورة الطفل من الواعي ويحتفظ بها اللاواعي.
إذا فكرت ذات مرة أنك منفصل عن طفولتك فأنت
مخطئ، فتواصلك المستمر مع طفولتك هو ما يقودك فعلاً للنضج الحقيقي نفسياً،
وبالتالي تستطيع التحكم في مشاعرك والتعامل مع المواقف بشكل جيد.
إن إسقاطك على والديك وإخوتك أو من نشأت
وترعرت معهم أو من كان لهم دور في تربيتك سيجعلك عالق في دوامة الماضي، لذا تقبل
ثقافتهم وبيئتهم ووعيهم وسوكياتهم، ولا تعزو ما تحمله في الداخل وتسقطه عليهم،
فإذا أردت النهوض تقبل وابدأ في إصلاح الداخل، وابدأ في تقويم ما أفسدته الأفكار
والمعتقدات السابقة، وامتن لكل النسخ التي مررت بها، فلولا نسخك القديمة لما كنت
ما أنت عليه الآن، ولولا نسختك الحالية لما استطعت أن تتعلم وتتقدم لتتكون منك في
المستقبل نسخة جديدة مضيئة.
جلسة مع طفلك الداخلي:
ابدأ في تحديد جلسة يومية مع داخلك، واتصل بطفلك الداخلي، وأحضر ورقة وقلم، وابدأ في استدرار كل الأفكار وكل المشاعر المزعجة لك، اكتبها وابحث عن جذورها، واسأل نفسك:
-
هل لديك خوف؟
-
هل تستطيع التعامل مع المواقف بحكمة؟
-
هل تستطيع الدفاع عن حقوقك؟
-
هل أنت متزن؟
-
ما هي ردات فعلك تجاه الآخرين؟
-
هل تعاني من الاكتئاب والوحدة والقلق؟
-
هل تشعر بالغيرة؟
-
هل تجد صعوبة في التخلي عن معظم الأشياء التي سببت لك
الألم؟
-
هل تعرض نفسك للنقد وهل تتعرض للنقد من الآخرين؟
-
هل تلوم ذاتك وتجلدها؟
-
هل تعاني من تأنيب الضمير؟
-
هل يواجهك تحقير وتنمر واستهزاء وتقليل من الشأن؟
-
هل تستطيع التعبير عن ما يواجهك؟
-
هل لديك القدرة على إبداء رأيك ووجهة نظرك؟
-
هل تعبر عن كل شيء يقابلك ويعجبك؟
-
هل تعايشت مع أشخاص وفي بيئة متفككة؟
-
هل تعرضت للسخرية والنبز بالألقاب؟
-
هل تطمح لأن يقبلك ويمدحك الآخرين؟
-
هل تشعر بالقلق عند خروجك من منطقة الراحة؟
-
هل تقسو على نفسك؟
الآن، اكتب عن كل شيء يشبه ما ذكرت في
الأعلى، واكتب عن كل شيء تعرفه، وقم بتفكيك تلك المعتقدات، واعترف أنها نابعة من
بيئة ذات وعي منخفض، أو ثقافة ونشأة مختلفة.
لا تقل ما ذنبي!
ولماذا؟
تقبل تقبل تقبل
فلديك الوقت الكثير لتساعد نفسك، أعد التواصل
مع طفلك، واعتن به، وافهم ما يريد، وافهم ما يحب، ولب رغباته، ومارس الهوايات التي
تحبها فالهوايات رفاهية عاطفية، خصص يوم للعب، واشتر ما تجده مناسباً للأطفال
كالحلوى وغيرها، وتلذذ بها، فأعترافك بتواجد طفل بداخلك هو بداية العلاج وتصحيح
الأخطاء السابقة.
غص في الداخل وكأنها رحلة طويلة تكتشف بها ما
تعايشت معه، واعترف بكل الأشياء التي كانت تشعرك بالبهجة، واكتب كل الأشياء التي
كنت تريد الحصول عليها ولم تتمكن من ذلك لأسباب عديدة تتعلق بالوالدين أو البيئة
أو من نشأت معهم، وحققها الآن لنفسك.
اعترف بما كنت تظن أنك محروماً منه، والتمس
العذر لمن لم يستطع تلبية ما حرمت منه، وتواصل يومياً في فترة العلاج أو فترة
الإصلاح كما أطلقت عليها ، تواصل مع طفلك.
تواصل مع طفلك، احتضنه، ودلله بالكلمات،
وانسجم مع الأطفال، إلعب معهم، أحضر لهم هدايا، وقم بزيارة لدور الأيتام وأقسام
الأطفال في المستشفيات، وقدم لهم الهدايا، واستمتع معهم.
تأمل صورك وأنت طفل، وامتن لله على ذلك الخلق
البديع، اضحك كالأطفال، لا تهتم بردات فعل الآخرين وكلماتهم الساخرة، واكتب رسالة
اعتذار كل يوم لطفلك، وتسامح منه واغفر له، واعترف بقسوتك عليه واحتضنه.
شكرًا ياحبيبتي🤍🤍
ردحذفأهلا وسهلا بك معنا ضمن أصدقاء المدونة.. تستطيع تصفح محتوى المدونة والاستمتاع بمحتواها المتواضع.
حذف