استيقظ
ستبزغ شمس البشرية مجدداً، فهذه الفوضى ليست حتمية، و هذا التضارب لن يدوم إلى الأبد، فالشر الذي يخرج منا بسهولة ليس فطرياً، واضطراباتنا هي عبارة عن تشوهات، وليست ظروفاً دائمة، وإنما أعراض لمرض سيتم شفاؤه يوماً ما.
نحن لم نولد من أجل الصراع المستمر، أو لقضاء حياتنا في الكفاح من أجل البقاء، والتنافس على الاعتراف بشخصنا، والدفاع عن أنفسنا ضد الجور الواقع على أذهاننا المصابة بالقلق، وأرواحنا التي يفسدها الوجع.
لقد ولدنا من أجل البهجة، ويوماً ما سيعود الفرح إلينا، كما يعود الربيع دائماً، زاخراً بالحياة والضوء، وبعد فصل شتاء بارد، ستبزغ الشمس من جديد.
عندما تبدأ أنفسنا الصلبة المتجمدة في الذوبان، والاندماج مع الطبيعة مرة أخرى، وكما تفسح الأنانية المجال للتعاطف والتسلسل الهرمي للمساواة، وكما يسمو الدافع للاتصال فوق الرغبة في السيطرة.
في يوم ما ستبدأ حواسنا في الاستيقاظ من قرون من الغفلة، وتشرق الطبيعة بقداسة من جديد وننبهر من جمال الفطرة للعالم، ونشعر بالهلع من أعماق المعنى التي تكشف عن نفسها تحت السطح القديم المنبسط للحقيقة.
لقد ولدنا من أجل الكمال، وسنكون كاملين مرة أخرى رغم كل الظروف.
لقد ولدنا من أجل الفرح، وسوف نعود إلى الفرح.
شروق الشمس
حياتنا تتشابه كثيراً مع شروق الشمس كل يوم، كل يوم نستيقظ صباحاً متجاوزين الظروف التي نمر بها، كالشمس التي تشرق بالتدريج، كذلك نحن نتدرج في يقظتنا ووعينا في هذه الحياة.
إن الاستيقاظ التدريجي يعني ممارسة التأمل والتفكر والمساعدة والإيثار، إنه يعني احتواء الهدوء والبساطة والسكون، حتى نكون مرتاحين ضمن حيزنا الداخلي وتعلم أن نكون.
إنه يعني تعلم الهدوء وتجاهل ثرثرتنا الفكرية العشوائية حتى يتسنى لنا أن نعرف السلام في السكون الداخلي والتواصل مع جوهرنا الأعمق، أي أنه يعني تليين الحدود القوية للأنا بحيث نتواصل مع البشر الآخرين، ومع الطبيعة، ومع الكون كله.
إنه يعني التخلي عن تعلقاتنا النفسية للكشف عن الجوهر الذي تخفيه، والسماح لذاتنا العليا الكامنة في الظهور.
إن الاستيقاظ التدريجي يعني إعادة تشكيل النفس، وتحويل النظام النفسي لحالة الغفلة إلى نظام ذاتي لليقظة التامة.
يريد منا الكون أن نستيقظ وسيرشدنا بكل سرور نحو اليقظة التامة، إذا خلقنا الظروف الملائمة.
كل ما علينا القيام به هو أن نستيقظ من غفلتنا، ونعي لما يحدث لنا ولما يحدث حولنا، علينا أن نعيش اللحظة بلحظتها، بدلاً من الانشغال بتوقعاتنا حول الأحداث المستقبلية التي قد تحدث وقد لا تحدث، لقد بدا لي أن نختار ترك هذه التوقعات.
دمتم سالمين
زهرة علي
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتك الإيجابية تسعدنا